بمجموع 20 مليار دولار: المملكة في صدارة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مشاريع البناء المعتمدة – قطاع العقار والإنشاءات بدأ في استرداد موقعه في العام الجديد

الرياض-وكالات
أوضح أحدث تقرير اقتصادي تصدر المملكة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حجم مشروعات البناء العام الماضي بحصة بلغت %29 من قيمة المشروعات التي تمت ترسيتها بما يقارب 20 مليار دولار، وجاءت الإمارات في المركز الثاني بحصة 27 ٪ وقطر في المركز الثالث بحصة 7٪.
وقال تقرير صادر عن بنك سيتي جروب الذي يرصد مشروعات البناء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إن قيمة مشروعات البناء التي تمت ترسيتها في 2012 بلغت نحو 66 مليار دولار.
وتعتبر هذه اقل بنسبة 21 ٪ عن المشروعات التي تمت ترسيتها في الفترة نفسها من عام 2011 التي بلغت 84 مليار دولار.

المشروعات الخليجية
وتراجعت قيمة المشروعات الملغاة والمؤجلة في السعودية بنسبة %2 والكويت بنسبة 3 ٪وفي قطر بنسبة 1٪.
ويتوقع أن يكون قطاع التشييد أسرع القطاعات السعودية نمواً في عام 2013، مدعوماً بالزيادة الكبيرة في حجم الإنفاق الاستثماري الحكومي.
وارتفعت قيمة خطابات الاعتماد الجديدة التي تم فتحها لتغطية واردات مواد البناء خلال الأحد عشر شهراً الأولى من عام 2012 بنسبة 16,8% مقارنة بارتفاع بلغ 12,2% لنفس الفترة من عام 2011، في إشارة إلى انتقال المزيد من المشاريع من مرحلة التخطيط إلى مرحلة التشييد الفعلي.
وزادت مبيعات شركات الاسمنت في العام الماضي إلى 52.7 مليون طن مقارنة بنحو 46.9 مليون طن في العام السابق وبنسبة زيادة 12%.
وستستفيد القطاعات الأخرى التي تشكل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي الحكومي والبرامج المستمرة الهادفة إلى إصلاح سوق العمل وزيادة القروض المصرفية.
قروض البناء
وتشير بيانات مؤسسة النقد السعودية إلى ارتفاع القروض المصرفية بصورة واضحة عام 2012، حيث بلغ صافي القروض المصدرة نحو 125 مليار ريال، وهو أعلى مستوى لها منذ عام 2008.
ومن المتوقع أن تضاعف البنوك تركيزها على عمليات الإقراض للشركات الصغيرة التي ظلت تعاني في سبيل الحصول على القروض طيلة السنوات القليلة الماضية بسبب تدني أسعار الفائدة وضآلة العائدات الاستثمارية المتاحة من الفرص الأخرى، في ظل التفاؤل بتوسع القطاع الخاص ما يعني استمرار قطاع التشييد والبناء في النمو.
فيما توقع تقرير صادر عن شركة أبحاث Zawya استمرار قطاع الإنشاء في المملكة، الذي تقدّر قيمته الحالية ب 1.6 تريليون دولار، في النمو بنسبة تتراوح بين 23 و 35% حتى العام 2015.
ومن المرجّح استمرار قطاع الإنشاءات في السعودية بالنمو بالتوافق مع خطط الدولة لاستثمار 806 مليارات دولار في المشروعات المقبلة ضمن الخطة حتى العام 2030.
انتعاش المشاريع
وبدأت كبرى المشاريع في الدول الخليجية انتعاشا جديدا هذه الفترة، حيث أن الازدهار الاقتصادي الذي تمتعت به دول الخليج حتى اندلاع الازمة المالية في عام 2008 كان قد صاحبه مشاريع تنمية كبرى في مختلف القطاعات التي تشمل النفط والعقارات والسياحة والبتروكيماويات والصناعة، الا انه عندما بدأت الازمة في التأثير على المنطقة، تأجلت العديد من هذه الخطط الطموحة، او اعتبرت غير مجدية ومن ثم تم الغاؤها.
ومع اتجاه القطاع الخاص الى خفض النفقات، وضعف الميل للاستثمار، سعت حكومات دول مجلس التعاون الخليجي، ولو بدرجات متفاوتة، الى دعم اقتصاداتها، حيث اعلنت دول الخليج عن خطط تنمية كبيرة في مختلف القطاعات وعلى رأسها الاسكان والرعاية الصحية والطاقة، وجاء ذلك اعتمادا على الفوائض المالية التي تراكمت خلال فترة ازدهار النفط.
ورأى بنك الكويت الوطني في تقريرة الاقتصادي الأخير لدول الخليج إلى انه من المفترض ان تكون قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها في دول مجلس التعاون الخليجي في العام 2012 قد وصلت الى 358 مليار دولار، اي بما يشكل اكثر من 20% من الناتج المحلي الاجمالي المتوقع للمنطقة.
تضاعف قيمة المشاريع
كما تعادل هذه القيمة اربعة اضعاف قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها في العام 2005، حيث كانت قيمة المشاريع التي تمت ترسيتها قد بلغت ذروتها في العام 2008 عند 311 مليار دولار، اي في العام الذي شهد اندلاع الازمة المالية العالمية، وفي العام 2010، بدأت حكومات المنطقة في الاعلان عن خطط التنمية في محاولة لتعزيز النمو الاقتصادي ودفع الطلب المحلي، ولذلك ارتفعت المشاريع التي يتم ترسيتها مجددا، وهو ما يفسر الذروة الحالية. وكانت معظم المشاريع التي تم ترسيتها تتركز في الامارات والمملكة بنسبة 43% و40% من اجمالي مشاريع المنطقة.
وقال التقرير انه قبل اندلاع الازمة في العام 2008، لم تكن قيمة المشاريع التي يتم ترسيتها آخذة في الارتفاع فحسب، بل كانت المشاريع الضخمة تحظى بالرواج ايضا، فقد بلغ متوسط حجم المشاريع 909 ملايين دولار في العام 2008، مقارنة مع 356 مليون دولار في العام 2005.
الا انه منذ ذلك الوقت، اخذ حجم المشاريع التي يتم ترسيتها في الانخفاض، وقد بلغ متوسط حجمها في العام 2012 نحو نصف مليون دولار، فقد ادت الظروف الاقتصادية المتدهورة وضعف الميل الى الاستثمار الى تحويل الاهتمام بعيدا عن المشاريع الطموحة جدا نحو المشاريع الاصغر حجما نسبيا والاكثر واقعية.
وبين التقرير انه حتى اذا كان المستثمرون مازالوا يسعون نحو تلك المشاريع الضخمة، فإنهم لن يتمكنوا على الارجح من العثور على التمويل، وذلك في ضوء ازمة الائتمان وغياب الثقة الذي نتج عن الازمة في ذلك الوقت، بالاضافة الى ذلك، فان دبي التي تعتبر معقل العديد من تلك المشاريع الضخمة قد تأثرت تأثرا كبيرا بالازمة، وبالتالي تم تأجيل او الغاء العديد من مشاريعها.

وتستحوذ الامارات على اكبر حصة من نشاط المشاريع في المنطقة، فمنذ العام 2005، بلغ متوسط حصتها من المشاريع التي تم ترسيتها في دول الخليج 38%، وهو ما يجعلها تتفوق في هذا الاطار على المملكة التي تعد صاحبة اكبر اقتصاد في الخليج. وبالتالي، فان ذلك يؤكد مكانتها الرائدة خليجيا في جذب الاستثمارات الرأسمالية، الا انه في العام 2011، تراجع ترتيب الامارات الى المرتبة الثالثة بعد السعودية وقطر، اذ بسبب الازمة المالية عام 2008/2009، اصبح القطاع الخاص حذرا من الاستثمارات الجديدة، كما جمد المشاريع التي سبق التخطيط لها، وفي المقابل، تعهدت جميع حكومات دول الخليج بدعم اقتصاداتها، وأعلنت الواحدة تلو الاخرى برامجها التنموية التي تمتد لعدة سنوات.
السعودية وقطر
وقد حظيت السعودية وقطر بالريادة مقارنة بنظيراتهما من دول مجلس التعاون الخليجي من حيث حجم الخطط الموضوعة وربما التنفيذ ايضا، وفي العام 2010، اعتمد مجلس الوزراء السعودي خطة التنمية الخمسية التاسعة التي خصصت 385 مليار دولار للمشاريع في مختلف القطاعات حتى العام 2014، كما اعلنت قطر في العام 2011 عن استراتيجية التنمية الوطنية للفترة 2011 – 2016، وهي اول خطة خمسية لهذه الدولة الغنية بالغاز، وتم تخصيص 125 مليار دولار للمشاريع التنموية. وقد سبقت دولة الكويت دولة قطر في الاعلان عن خطة التنمية لديها والتي بلغت قيمتها 110 مليارات دولار في العام 2010، الا ان تنفيذ الخطة مازال دون المستوى المأمول حتى الآن، ولكن من المتوقع ان ينشط قريبا (منذ تحديث البيانات في شهر سبتمبر، قامت الكويت بترسية مشروع محطة الزور الشمالية بقيمة ملياري دولار)، كما اقرت عمان التي تعد واحدة من الدول ذات الاداء الافضل في المنطقة مؤخرا خطة خمسية للتنمية (2011 – 2015) تتضمن مشاريع في مجالات مثل النقل والتجارة والمرافق والتعليم والصحة.
قطاع الانشاءات
وحظي قطاع الانشاءات الذي يشمل مشاريع البنية التحتية والنقل والمباني والخدمات المرافقة بالحصة الاكبر من المشاريع في المنطقة، ما يعكس الهيكل الاقتصادي الاساسي للمنطقة: نقص نسبي في الفرص المتاحة في قطاع التصنيع الصناعة بما يوجه معظم الانفاق الاستثماري نحو المباني التي يستخدمها قطاع الخدمات (التمويل او السياحة ..الخ).
ومع ذلك، فان الحجم المطلق لخطط قطاع الانشاءات يعتبر ضخما، فمنذ العام 2005 بلغ متوسط حصة المشاريع التي تم ترسيتها في قطاع الانشاءات 48% من اجمالي المشاريع، لتصل تلك الحصة الى ذروتها عند 80% في العام 2008، الا انه عندما ضربت الازمة المنطقة، عانى سوق العقار معاناة كبيرة، وتباطأ النشاط في قطاع الانشاءات منذ تلك الفترة، وبلغت حصة المشاريع الانشائية 71% من اجمالي المشاريع التي تم ترسيتها في العام 2012. وعلى مستوى الدول، فان المشاريع في الامارات كانت الاكثر تركزا على قطاع الانشاءات الى حد بعيد، ففي العام 2008، بلغت نسبة المشاريع المرتبطة بقطاع الانشاءات في الامارات 88% من اجمالي المشاريع التي تم ترسيتها في البلاد، وفي المقابل.
تنوع مشاريع السعودية
وكان قطاع المشاريع في السعودية اكثر تنوعا اذ يشمل عددا كبيرا من المشاريع غير الانشائية مثل المرافق والبتروكيماويات والصناعة، وبالطبع النفط والغاز، وتمثل مشاريع الانشاءات التي تم ترسيتها في السعودية ما يزيد قليلا عن 76% من اجمالي المشاريع التي يتم ترسيتها في البلاد في العام 2008، مرتفعة بذلك عن نسبتها التي بلغت 36% في العام الذي سبقه، مما يعكس هيكل اكبر اقتصاد في المنطقة وحاجته الى المزيد من التنويع نحو القطاع الصناعي. وتجاوزت قيمة المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي في مختلف مراحل التنفيذ 2.5 تريليون دولار كما في شهر سبتمبر 2012، ومن بين تلك المشاريع، فان 72% منها في مرحلة التنفيذ، و7% في مرحلة تقديم العروض، و21% مازالت قيد الدراسة.
ورأى التقرير انه عندما بدأت ازمة العام 2008 في التأثير على دول مجلس التعاون الخليجي، كانت المشاريع تخضع إما للالغاء او التأجيل، وكان عدد المشاريع التي تم تأجيلها او الغاؤها في عام واحد قد بلغ ذروته في العام 2011 عندما تم الغاء او تأجيل مشاريع بقيمة تتجاوز التريليون دولار، وحتى الربع الثالث من العام 2012، يبدو ان قطاع المشاريع قد بدأ بالتعافي مع عودة بعض المشاريع التي كانت مؤجلة. وقد شهدت الامارات وخاصة دبي التي تعتبر معقل المشاريع الاكثر طموحا في المنطقة اكبر عدد من عمليات الغاء المشاريع، ففي العام 2009، استحوذت الامارات على 80% من المشاريع التي تم الغاؤها او تأجيلها خليجيا. ونظرا الى ان القطاع العقاري قد تأثر بشدة بهذه الازمة وانخفضت اسعار العقارات، فقد كانت 95% من هذه المشاريع المؤجلة في قطاع الانشاءات، وهو امر لا يدعو للدهشة، الا انه يبدو ان الامارات تسترد مكانتها الرائدة في المنطقة حاليا، وتقر مشاريع بمليارات الدولارات مرة اخرى، وآخرها مشروع مدينة جديدة سيتم بناؤها من قبل شركة دبي القابضة وشركة اعمار. وخلص التقرير للقول بانه على الرغم من الغاء بعض المشاريع القديمة منذ عام 2008، ومع دخول مشاريع جديدة مرحلة التنفيذ واتمام ترسيتها، فان الاتجاه العام للمشاريع في دول الخليج قد استرد نشاطه ويتجه نحو الارتفاع، وقد ساهم هذا الانفاق على البنية التحتية في تفوق اداء اقتصادات دول الخليج مؤخرا، متوقعا ان يستمر ذلك في المستقبل القريب.

Exit mobile version