نسمع كثيراً بالنفاق الاجتماعي في حياتنا هو التملق للآخرين ونعتهم بصفات لا يتمتعون بها واستدراج رضاءهم لسبب في نفس المتملق حتى ينال ما يريد, ولكن هذا النفاق تسلل كالغازات الخانقة لمؤسساتنا بمختلف مسمياتها وأنشطتها ليرتدي ثوباً آخر يتجمل به المُرائي أمام مديره حتى يُحظى بابتسامة رضا يتم على أثرها منحه تسهيلات لا يستحقها.
إنه النفاق الوظيفي الذي يستهويه الموظفون عديمي الثقة بنفسهم حتى غدا سلوكاً وجزءاً من ثقافة العمل في المؤسسات العامة والخاصة, وهو الأمر الذي يحاول فيه المسؤولين الأقوياء الذين يعرفون حجم نفسهم جيداً لمحاربته والحد منه حتى تكون الشفافية هي المعيار الأول والأخير في التعامل, ومن طرق تطور العمل في المؤسسات محاربة هذه الظاهرة التي تمدح خططاً وتثني عليها وتقسم بأغلظ أيمانها بأن هذه الخطط وضعت بعبقرية فذة سوف تكون مثالاً تحتذي به بقية الشركات والمؤسسات, في ذات الوقت العارفون ببواطن الأمور يسدون النصح ولا يسمع لهم لأن صوت النفاق الوظيفي كان عالياً ومجلجلاً لتتدحرج الشركة للهاوية وسط ذهول المدراء المخدوعين الذين استسلموا للمدح والثناء وملاهم الغرور حتى قضت النار على الأخضر واليابس.
علينا جميعاً مدراء وموظفين أن نعمل من أجل العمل ويكون الإخلاص هو السمة الظاهرة, ويجب أن لا نربط هذا الإخلاص بشخوص بعينهم, بل يكون مربوطاً بالأفكار, لأن الأفكار تبقى وتتطور فيما يذهب أصحاب الكراسي إما بالنقل أو المعاش أو الاستقالة أو لا سمح الله بالإقالة, وعلى الموظف الذي يحسب نفسه يحتاج لمساعدة لتقوية مكانته الوظيفية عليه أن يعلم أن أهون الخيوط الاستمساك بالوظيفة هو خيط النفاق العنكبوتي, لأن المدير الذي تنافق من أجله لا يخلو من احتمالين؛ الاحتمال الأول – وهو الأقوى- أن يكون على قدر ذكاء وظيفته ويعلم تمام العلم بنفاقك, سيأتي اليوم الذي يكشف فيه حقيقتك وتتساقط منك كل أوراق التوت, والاحتمال الثاني أن يكون مديرك ضعيفاً حتى في تفكيره فيصدق ما تقول, فهذا لا يستحق أن تنافق من أجله, فتصير أضحوكة أمام زملاءك.
لذا علينا أن نتعلم كيف نخلص للعمل وللمؤسسة ونحاسب أنفسنا في كل مسؤولياتنا المهنية , ونصيحتي لكل راغب في التطور أن ينمي مهاراته ويزرع الثقة في نفسه لأنها من أكثر الصفات التي تجعله مقرباُ من مواضع اتخاذ القرار, وتجعل المسؤولون يسعون لأخذ مشورته دون أن يسعى هو إليهم.
*كاتب / مستشار تنمية بشرية