د. حسام يوسف يكتب: فاشلون أفادوا العالم

للنجاح مذاق وطعم مختلف لا يشعر به إلا الذين ذاقوا الفشل وتجرعوا مراراته، فالنجاح الذي يأتي سهلاً يؤول إلى الزوال بنفس السهولة، فكل الذين نجحوا في الحياة ساروا حفاة على أشواك المعاناة، والقلق، والتفكير، وتلقفتهم رياح اليأس وتقاذفتهم مرات عدة.

هناك أشخاص في الحياة لو كانوا استسلموا للحظات الإخفاق التي مرت بهم لما نعمت البشرية بابتكاراتهم واختراعاتهم، لقد فشل توماس أديسون مخترع المصباح الكهربائي عشرات المرات ولم يحالفه الحظ كثيرا في إكمال اختراعه، وكان في كل مرة عندما تفشل تجربة يقول “هذا عظيم لقد أثبتنا أن هذه أيضاً وسيلة غير ناجحة للوصول للاختراع الذي أحلم به”، فكان لا يطلق عليها تجارب فاشلة بل تجارب لم تنجح، وعلى الرغم من عدم نجاحه في عدد كبير جداً من المرات إلا أن ذلك لم يدفعه لليأس بل استمر في المحاولة، وفي عام 1879 نجح أديسون في إنارة المصباح لفترة طويلة.

وجاء مخترع آلة حياكة الملابس، الذي أخفق هو الآخر كثيراً ولكن لم يفتّ ذلك في عضد الشاب الفقير إلياس هاو، فقد كان يعمل بائعاً في أحد محال الآلات في الولايات المتحدة، وذات يوم لاحظ زوجته وهي تحيك الملابس فتفتقت إلى ذهنه الفكرة، وفي عام 1839 ابتكر آلة تقلد هذه الحركة ولكنها كانت غير عملية على الإطلاق، ولم يتمكن من استخدامها بشكل سليم، إذ كانت تخيط من جهة دون الأخرى، وعكف من جديد على تطوير ابتكاره لسبع سنوات متواصلة بلا كلل أو ملل، ولكنه توقف عند المرحلة النهائية، إذ إنه لم يستطع تركيب الخيط في الإبرة.

وأسقط في يده وتوقف اختراعه عند هذا الحد، وساءت حالته المادية كثيراً، ورغم ذلك كان دائم التفكير في حل، وفي إحدى الليالي ظل مستيقظاً حتى الصباح يفكر، فأعياه السهر ونام، وفي منامه رأى شخصاً يطارده، يمسك بيده رمحاً مثقوباً من رأسه، واستيقظ هاو، فلقد وجد الحل، وقام بثقب إبره الخياطة من المقدمة لتعمل الآله بشكل جيد . . وتتحول حياته من الفقر الشديد، إلى الغنى ومن مجرد بائع يتقاضى 8 دولارات شهرياً، إلى مخترع يتقاضى عن اختراعه آلاف الدولارات.

رحم أبي فلقد كان يردد على مسامعنا ونحن صغار قول الشاعر:

شعـــــرت بالراحـــــــة الكبــــــــرى فلم

أرها تنال إلا على جسر من التعب

Exit mobile version