د. حسام يوسف .. لماذا تفشل خططنا أحياناً؟

كل المخططين يعملون في ظل نظرية عدم التأكد، أي ذلك الهامش من الخطة غير مؤكد الحدوث أو التنفيذ، وهذا الجزء قد لا يرى النور، ربما لا يعلم المخططون أي جزء من الخطة أو نسبته بدقة، لكن هناك لا محالة نسبة أو جزء من مرحلة لن يتم تنفيذه في بعض الخطط.

ومن أهم  التحديات هي طول الفترة الزمنية، والتي من الممكن أن يتخللها أحداثا قد تقع من دون أن يتم وضعها في الحسبان وتعرقل سير العمل، خاصة إذا كانت الخطط طويلة الأجل، مثل الخطط العشرية التي يتم تنفيذها خلال عشر سنوات، وما فوق ذلك .

لهذا فدراسات الجدوى الاقتصادية لا يمكن أن تنبئ صاحب المشروع عن أرباحه أو جدوى المشروع بشكل مؤكد مئة في المئة، إنما هي مجرد مؤشرات تقترب من الواقع ولا تتطابق معه بأي حال من الأحوال، وكم من دراسات سارت في اتجاه وجاءت النتائج عكس ما كان متوقعاً.

في بعض الأحيان تقع أحداث خارجية بشكل مفاجئ تقضي على كل الخطط، فاليابان، مثلاً، كانت تملك خططاً طموحة، لكن خوضها للحرب العالمية الثانية لم يلحق بها الخسارة المادية، والأذى فحسب، إنما دمر أحلامها ومستقبلها لسنوات، حيث فقدت بسبب سقوط القنبلتين النوويتين ما يزيد على 220 ألف شخص، وتبخرت خططها التنموية واستغرق بناء اقتصادها مجدداً سنوات، وسنوات .

ولم تكن الكويت بعيدة عن ذلك، فبعد الغزو المفاجئ الذي تعرضت له، وتدمير الغازي لآبار النفط، ضخت المليارات لتستعيد مجدداً قدرتها على الوصول لمستوى مناسب من الرفاهية لشعبها.

وعلى المستوى الشخصي، ننشغل بوضع الخطط والحسابات للمستقبل، ولا يعلم المستقبل إلا الله، ليس مطلوباً منا أن نضيع أعمارنا في الخطط والتخطيط ، المهم أن نتعلم كيف نمضي بسفينة حياتنا بسلام، مع الوضع في الاعتبار أن نحذر من المستقبل، فإذا كان المخططون الإستراتيجيون يضعون نصب أعينهم نظرية عدم التأكد، يجب أن نضع نحن نصب أعيننا كأفراد قدراتنا المحدودة، وأحداث الزمن المفاجئة التي أحياناً تدمر كل شيء، في طريقها.

إننا يجب أن نخطط، ولكن من دون مبالغة أو تماد في أحلام غير قابلة للتطبيق

وصدق الشاعر حين قال:

دع المقادير تجري في أعنتها *** ولا تبيتن إلا خالي البال

ما بين غمضة عين وانتباهتها *** يغير الله من حال إلى حال

Exit mobile version