تختزن عقولنا آلاف القصص وعدداً هائلاً لا حصر له من المعلومات والأحداث، والتفاصيل الدقيقة، في شريط يماثل شريط السينما بشكل مرتب وفقاً للزمن، وليس لأهمية الحدث، كما كنا نظن، لأننا في الواقع نشعر بقدرتنا الكبيرة على استرجاع الأحداث التي ضايقتنا وآلمتنا نفسياً أو جسدياً بسهولة، وهو ما يتسبب في إضعاف قدراتنا الذهنية والشعور بالشرود والنسيان وفقد القدرة على التركيز في العمل، علاوة على أن 70% من الأمراض الجسدية والنفسية، كالصداع، والروماتيزم، تأتي بسبب استرجاع هذه المواقف السلبية.
وجاء العالم النفسي هبارد وقال إن قدرات العقل المثالي تُشبّه الكمبيوتر، الذي يمكن إصلاحه عند الحاجة، أي يمكن لعقولنا أن تسترد قدراتها وحيويتها، وذلك عن طريق علم ابتكره وأطلق عليه «الديانتكس»، أي تغلب قوّة العقل على الجسد.
ومع أول صرخة للرضيع يبدأ العقل في تسجيل الأحداث ويفتح أبواب خزائنه التي تكون فارغة تماماً آنذاك ليبدأ الحفظ والأرشفة حتى آخر لحظة في حياته، وتنتهج عقولنا مسارين للتخزين أحدهما يُسمى «الذهن التحليلي»، والآخر «الذهن التفاعلي» فتحتفظ بالأفراح والأتراح على حد سواء، وكافة المشاهدات التي تؤثر فيه، فينقل العقل المواقف السعيدة، إلى «الذهن التحليلي»، أما المؤلمة، فتدخل إلى «الذهن التفاعلي»، وبالتالي تؤثر في قدرات الشخص، لأنه يكون دائم التفكير فيها، والتعامل معها .
إن المواقف السيئة والأحداث التي مررنا بها تسكننا وتعيش داخلنا كالقنبلة الموقوتة وقد تنفجر في أي وقت، وهو ما يفسر الأزمات النفسية التي تمر في حياتنا، حيث يقوم الطبيب النفساني بنقل الأفكار والأحداث الماضية التي تضايقنا وتشتعل داخلنا أحياناً من دون أن ندري، من الذهن التفاعلي إلى الذهن التحليلي، حتى يتم الاحتفاظ بها هناك لإبطال مفعولها لأنه في الحالة التي تزول فيها جميع الأحداث المؤلمة من الذهن التفاعلي للشخص، يعود العقل إلى حيويته الأولى، ويسترجع جميع قدراته ويكتشف إمكاناته من جديد، وذلك فقط بالاستماع إليه، والعودة به إلى المسار الزمني الذي سُجلت فيه هذه الأحداث .