منذ أيام تلقيت رسالة أزعجتني على بريدي الإلكتروني، يقول صاحبها رداً على أحد موضوعات مقالاتي السابقة المعنون : إن المرأة لا تستطيع منافسة الرجل في القيادة أو صناعة القرار والدليل كل الأنبياء والرسل بإجماع الشرائع والأديان هم رجال فقط ولم يذكر على مر العصور أن الله أرسل بين النبيين أو الرسل امرأة، بل وزاد على ذلك أن عظماء العالم في كل المجالات وفي كل العصور والحضارات كانوا رجالاً، وأن جميع رؤساء الطوائف الدينية في العالم من الرجال فقط من بابوات الفاتيكان وبابوات الكنائس الشرقية الأرثوذكسية حتى الدلاى لاما في التبت والرهبان البوذيين في اليابان وفيتنام .
فقلت له: المرأة لم تكن بينهم لكنها أنجبت كل هؤلاء وربتهم ليشبوا ويكونوا رجالاً أشداء أقوياء ليسجل التاريخ أسماءهم ويحتفي بهم من جاء بعدهم، ولم يقتصر دور المرأة الأم على التربية ورعاية بيتها فقط إنما قديماً كانت تخرج في الغزوات والحروب لتداوي الجرحى وتضمد المصابين، وفي عصرنا الحديث تبوأت أعلى المناصب، وحققت نتائج وإنجازات كبيرة، توازي وأحياناً تتفوق على الرجال .
وعلى مر الزمن لم تفتر عزيمة المرأة ولا حماسها، ولم تأل جهداً ولم تدخر وسعاً في أن تثبت وتؤكد دوماً أنها قادرة على الخوض في غمار الحياة، والمضي قدماً في أتونها كصمام أمان لخدمة بيتها وأسرتها ومجتمعها، ولم تتخل المرأة يوماً عن دورها في أن تكون ظهيراً للرجل في معترك الحياة والوقوف جنباً إلى جنب معه تسانده وتؤازره .
فهل هؤلاء نسوا أم سيدنا إسماعيل الذبيح، السيدة هاجر التي سالت كرامة لها ولابنها بئر زمزم عيوناً التي ننهل من فيضها إلى الآن، وآسيا بنت مزاحم امرأة فرعون موسى، وغيرهما من النساء العظيمات الفضليات اللاتي لا يتسع المجال لذكرهن .
ويكفي المرأة الأم شرفاً ما قاله الرسول الكريم في حديث شريف عند موت الأم ينادي مناد من السماء ماتت التي كنا نكرمك من أجلها فافعل شيئاً نكرمك من أجله. حقاً ما أرفع مقام أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا، أطال الله في أعمارهن.