تظل مسألة تبادل المعلومات الائتمانية بين دول مجلس التعاون الخليجي محورية، على الرغم من أنها لا تزال في الطريق نحو الإقرار وبعده التطبيق. وكلما أسرعت هذه الدول بالوصول إلى صيغة مشتركة في هذا المجال، ضمنت أداء مصرفياً خليجياً على مستويات عالية من الجودة، فضلاً عن أن ذلك سيعزز الآليات التي توفر “الأمان” المصرفي، حيال المؤسسات المالية والمؤسسات التي تتعامل معها، إضافة إلى الأفراد. وتبادل المعلومات الائتمانية، هو في الواقع ضمانة لكل الأطراف المعنية. ويختصر الكثير من الإجراءات، ولا سيما تلك المتعلقة بالأوضاع الائتمانية للمقترضين أفراداً ومؤسسات. يضاف إلى ذلك، أن أعمال الخليجيين تتزايد ضمن نطاق مجلس التعاون، واتفاق حول تبادل المعلومات الائتمانية، سيوفر الخدمات المصرفية لهؤلاء بصورة أسرع، وأكثر أماناً.
لا تزال قضايا مثل وثيقة المعايير الاسترشادية للرقابة المصرفية، ومبادئ حوكمة المؤسسات المصرفية، إضافة إلى تبادل المعلومات الائتمانية، قيد البحث بين دول مجلس التعاون. ورغم تشابه الأنظمة المصرفية الخليجية، إلا أن المسار للوصول إلى صيغة نهائية في هذا السياق، لا يزال بطيئاً. والحراك الاقتصادي العام في دول المجلس، يسير بوتيرة متسارعة بالفعل، يتطلب مساندة مصرفية توازيه شرعة ومرونة. صحيح أن هناك تفاصيل لا بد من بحثها بأعلى درجة ممكنة من التمحيص، لكن الصحيح أيضاً، أن هناك أرضية مشتركة ينبغي أن تساعد على تحقيق الأهداف بصورة أسرع مما هي عليه الآن. يضاف إلى ذلك، أن التجارب العالمية الأخرى توفر أيضاً قاعدة بيانات، وتجارب يمكن الاسترشاد بها. ويمكن أن يتحقق ذلك، حتى قبل الاتفاق على مشروع الوحدة النقدية الخليجية، الذي يتعرض هو الآخر للعقبات.
إن وجود الرقابة المصرفية الخليجية الموحدة، سيطرح تلقائياً اتفاقيات تعاون مختلفة بين المؤسسات المالية في المنطقة، بما في ذلك تلك المرتبطة بالاقتراض والإقراض، وبجدوى المشاريع التي تتطلب تمويلاً مصرفياً، وبالملاءة الخاصة بهذا الطرف أو ذاك. كما أن لها رابطاً عالمياً يتعلق بالاتفاقيات الخاصة بالمؤسسات المصرفية، ولا سيما معايير “بازل”. وإذا كان هناك من يعتقد أن تبادل المعلومات الائتمانية يمكن أن يتعرض للتجاوزات، أو للكشف غير المبرر، فإن هناك الكثير من الضمانات لعدم حدوث ذلك، وفي مقدمتها بالطبع الدور الذي ستلعبه البنوك المركزية الخليجية في هذا المجال. وهي الجهات المخولة بوضع المعايير والأطر والمحاذير، في الحراك المصرفي في بلدانها. دون أن ننسى، أن تبادل المعلومات الائتمانية، سيرفع من قوة القطاع المصرفي نفسه، الذي يعتمد بصورة رئيسة على المعلومات الحقيقية غير المزورة.
ففي بلدان العالم التي تعتمد نظام اقتصاد السوق، هناك مؤسسات وشركات متخصصة تتعاقد معها المصارف للحصول على المعلومات الائتمانية للمودعين والمقترضين على حد سواء. وتفرض هذه الشركات معايير ائتمانية مشددة، الأمر الذي يوفر على المصارف مخاطر هي في غنى عنها. هناك بعض البلدان الخليجية، بدأت بالفعل التعاون فيما بينها في هذا المجال الحيوي، لكن هذا التعاون لم يصل إلى مستويات تحاكي الحراك الاقتصادي بين دول مجلس التعاون. وبقاء بلدان أخرى خارج هذا التعاون يوجد في الواقع ثغرات مصرفية تنال من كل الأطراف. وإذا كان هناك ربط أمني بين دول المجلس، يعمل بصورة متطورة، فمن السهل أن يكون هناك ربط ائتماني، خصوصاً إذا ارتفع حجم الاستثمارات البينية، وتوجه شرائح مختلفة من الخليجيين لإطلاق الأعمال خارج بلدانهم.
إن تبادل المعلومات الائتمانية، سيكون بمنزلة محرك إضافي لأعمال الخليجيين واستثماراتهم، فضلاً عن أنه سيشكل حصانة مطلوبة للمصارف من أي محاولات غير مشروعة يمكن أن تتعرض لها.