شهدت الكثير من القطاعات في الصين تأثيراً عميقاً نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي الأخير. ويعد قطاع العقار الصيني الذي أظهر مؤشرات واضحة على الهدوء في الأشهر الأخيرة، واحداً من بين القطاعات التي يتوقع أن تشهد تراجعاً اقتصادياً أكثر حدة. ويتجه نمو الأسعار التي وصلت ذروتها أواخر العام الماضي، وبلغ معدلها السنوي 9.9%، نحو الهبوط منذ ذلك الوقت. علاوة على ذلك، كان معدل النمو على الأساس الشهري سلبياً منذ شهر مايو، ووصلت مستويات انخفاضه الشهرية إلى 1% تقريباً.
وبالنسبة لأسعار المنازل القديمة فكان لها الأثر الأكبر في اعتدال أسعار العقار، ولم يتسن لها أن ترتفع في 19 مدينة من أصل أبرز 70 مدينة في الصين.
من جانبها، حاولت السلطات الصينية تعديل أسعار العقارات المبالغ فيها، وفي الوقت ذاته تلبية الطلب الكبير الناتج عن حركة التمدين. أما جملة المعايير غير المتجانسة التي وضعتها الحكومة كالضريبة على مكاسب رأس المال، والقيود المفروضة على الملكية بالنسبة للمقيمين، وارتفاع معدلات الرهون العقارية، جميعها كان له أثر ملحوظ على السوق، هذا والمشاريع الإنشائية الإضافية المقامة بأسعار متاحة أضافت أيضاً مزيداً من الضغوط إلى انخفاض الأسعار في سوق العقار، ولكنها تلبي الطلب الكبير. نجاح الحكومة الصينية في كبح جماح سوق العقار، إلى جانب زيادة مستوى المشاريع السكنية المتاحة بأسعار معقولة، يشير إلى أن التضخم السكني قد يبقى منخفضاً على المدى المتوسط.
في دبي، يمر سوق العقار بمرحلة مختلفة. فالأزمة المالية العالمية كان لها أثر كبير على سوق السكن في دبي، وتسببت بحركة تصحيح حادة في الأسعار استمرت لمدة ثلاث سنوات. في بداية عام 2012، بدأت أسعار العقار تشهد معدل نمو متصاعد. ومن بين العوامل الأخرى التي ساهمت بتصاعد معدل النمو الاقتصادي للإمارة، وتضخم أسعار السكن، تدفقات الأموال الكبيرة الباحثة عن ملجأ من الاضطرابات التي تمر بها المنطقة. إذا أخذ بعين الاعتبار سرعة حركة الإنشاء كمقياس لسوق العقار، لا يبدو أن هناك مؤشرات على تراجع النشاط. إذ من المتوقع أن ينمو عدد الوحدات السكنية المبنية في دبي بمعدل سنوي يصل إلى 6.6% هذا العام، وففاً لتوقعات شركة الاستشارات العقارية العالمية جونز لانغ لاسال، مقارنة مع معدل النمو السنوي الذي بلغ 3% في العامين الأخيرين. بالنسبة لشريحة عقار المكاتب والتجزئة، فسجلت هي الأخرى زيادات كبيرة بالأسعار والأسهم، ووفقاً لأرقام صادرة عن شركة جونز لانغ لاسال، انخفضت معدلات الشاغر رغم زيادة العرض. ويشهد سوق العقار في دبي توسعاً حالياً في كافة شرائح العقار.
وبحسب ما تظهره المؤشرات التاريخية، فإن سوق العقار في دبي عرضة لمخاطر النشاط المفرط. ولا تزال ذكريات الفقاعة الماضية التي انفجرت في 2008 حية حتى الآن، والأسعار المتصاعدة أعلى حالياً من مستويات ما قبل الأزمة. وتشير العوامل الاقتصادية الشاملة إلى أن تلك الأسعار يجب أن تزيد في دبي، ومع ذلك من غير الواضح إلى أي درجة سيكون معدل النمو الحالي للأسعار مستداماً. وفي محاولة لتخفيف الضغوط التضخمية، طرح صناع السياسات في البلاد معايير مثل فرض ضريبة على صفقات العقار بنسبة 4% من قيمة العقار. وعلى الرغم من أن معدل الضريبة أقل من المستويات الموجودة في هونغ كونغ وسنغافورة، هذه الاقتصاديات التي عانت من أسواق العقار المحمومة، إلا أن مجرد تطبيقها يدل على إدراك السلطات للمخاطر المحتملة، وجاهزة للتدخل مسبقاً.
إلى هذا، يتشارك السوقان العقاريان في الصين ودبي بالضغوط المفروضة على الطلب التي من المتوقع استمرارها. ومع ذلك، تبدو النظرة المستقبلية للسوقين مختلفة جوهرياً. فيما أثبتت السياسات الصينية فعاليتها، فإن تأثير السياسات التي وضعتها دبي مؤخراً غير واضح، كما أن خصائص اقتصاد دبي تدفع للتوقع بأن عملية كبح التضخم ستكون تحديا.