كشف مستشار اقتصادي عن 15 جهة غير نظامية تفرز دراسات اقتصادية مضللة، وذلك بهدف حصول الأفراد على تمويلات لمشاريعهم، مبرزا 7 ثغرات تنظيمية في الأنظمة المتبعة في القطاعين العام والخاص، مستعرضا في الوقت ذاته حلولا جذرية من شأنها سد ثغرات الخلل التنظيمي في قطاع الاستشارات الاقتصادية.
وأكد المستشار الاقتصادي ورئيس “سعودي سكوب” للدراسات والاستشارات الاقتصادية الباحث في اقتصاديات المشاريع الريادية سالم الزمام قيام مجموعة من المكاتب غير المتخصصة الوطنية والأجنبية والمقيمين بتنفيذ عمليات دراسات جدوى وأبحاث اقتصادية للقطاع العام والخاص، مضيفا “هي بالغالب بغرض دخول مناقصات الدراسات أو بغرض تقديم خدمات دراسات جدوى تنفيذ مشاريع استثمارية لجهات التراخيص والتمويل الحكومية وغير الحكومية بواسطة استخدام أسماء وأختام مكاتب غير مرخصة أو مرخصة، سواء بعلم أو بدون علم أصحابها، أو جهلهم أو بتراخيص مزورة”.
وأضاف الزمام “تتم تلك الدراسات من خلال مقيمين داخل المملكة ومن الخارج، من خلال ظاهرة المقيمين الزائرين، من خلال موظفي مؤسسات وشركات ومكاتب محاسبة وتدقيق وقانونية وإدارية ومالية وهندسية وحتى مكاتب تعقيب وترجمة ودعاية وإعلان بعلم أصحابها أو بدون علمهم، وكذلك من خلال مكاتب دولية أساس عملها المحاسبة القانونية والتدقيق الداخلي وهي بعيدة كل البعد عن رؤية ورسالة وأهداف الخطط التنموية الاقتصادية الوطنية ومفاهيم المشاريع ذات القيمة المضافة وسلوك وثقافة المستهلك والمجتمع”.
وقال “تستخدم تلك المجموعات إعلانات الصحف والمجلات ومنتديات الأعمال في التسويق لهم، باعتبارهم كفاءات مهنية متخصصة، إضافة إلى استخدام التسويق من داخل وخارج المملكة، بعد الحصول على عملاء يتم إيهامهم بالتقديم نيابة عنهم ومتابعة وضمان الحصول على الترخيص أو التمويل”.
لكن الزمام قال إنه عند تنفيذ الدراسة وبعد أن يقدموها لجهات التمويل ويحصلوا على تكاليف عملهم، ينسحبون، ليكتشف طالب الدراسة بأنها غير مستوفية المعايير المهنية وتحتاج إلى إعادة تصحيح أو تؤدي بالنهاية لفشل المشروع، مستعرضا في الوقت ذاته أسباب هذه الظاهره، مرجعا الأسباب إلى عدم تنظيم وتعميم الجهات الرسمية بضرورة أن تكون مهام دراسات الجدوى والأبحاث الاقتصادية مقصورة فقط على مكاتب الاستشارات الاقتصادية الوطنية، مضيفا “نجد أن مكاتب الاستشارات الإدارية، والمالية، والهندسية والصناعية والخدمات، والمحاسبة القانونية، والمحاماة والتي مفتوحة للقيام بهذه المهمة من كيانها أو من موظفيها، وكذلك إبقاء القنوات الإعلامية مفتوحة لإعلاناتهم دون شروط أو قيود وخصوصا الصحف والمجلات والمنشورات ومنتديات الأعمال وعدم اشتراط الاطلاع على الترخيص الاقتصادي عند الإعلان، وعدم اشتراط أغلب جهات التمويل وجهات ترخيص المشاريع لشرط أن تكون الدراسات والأبحاث من مكتب استشارات اقتصادية وطني مرخص، عدم اشتراط كل الجهات بضرورة تصديق الدراسة والتوقيع من الغرفة التجارية على أقل تقدير ممكن وعاجل، وهذا يفتح ثغرة أمام الرخص المزورة، أو صور التراخيص، أو بدون علم أصحابها، عدم توعية الغرف التجارية لرجال الأعمال لمثل هذه الممارسات المضللة، عدم متابعة هذا الموضوع من قبل الجهات ذات العلاقة، إما لتضارب المصالح، أو لعدم قيام مرجعية الاقتصاديين السعوديين بمهامهم بالشكل المطلوب لحماية مهنييهم، عدم تخصيص تأشيرات عمل لمهنة باحثين وأخصائيين اقتصاديين من لدى وزارة العمل”.
ووفقا للزمام فإنه على مستوى أمن الاقتصاد الوطني فإن تنفيذ دراسات غير دقيقة ومضللة وغير مهنية ينبني عليها قرارات استثمار اقتصادية وطنية ولا تأخذ بالحسبان الخطط التنموية للدولة وبالتالي فشل مشاريع تنموية صرفت لها الدولة مليارات لدعمها وخصوصاً المشاريع الصغيرة والمتوسطة والريادية التي تعتبر توجه رئيسي للدولة للقيام بالنمو الاقتصادي المطلوب والمخطط له، عمليات جمع أموال غير معروف استخداماتها لجماعات أجنبية غير معروف توجهها، عمليات نصب واحتيال وتزوير واستهتار بأنظمة ومقدرات الوطن ولرجال الأعمال السعوديين والجهات ذات العلاقة، مضايقة مكاتب الاستشارات الاقتصادية الوطنية للقيام بالمهام المنوطة والمأمولة لها التي أقرتها الدولة.
واقترح الزمام قيام الجهات كل فيما يخصه من خلال تفعيل دورها في حماية المهنة، مستعرضا مجموعة مقترحات وتوصيات، وأنها لا تحتاج إلى تكوين لجان وملتقيات وروتين بيروقراطي وهي عموما آلية يجب على جمعية الاقتصاد السعوديين تبنيها والمبادرة للأخذ بها لإعادة تنظيم مهنة الاستشارات الاقتصادية حيث المكاتب الأخرى الموضحة تنهش جسد هذه المهنة بالتطاول على تخصصها وسد ثغرة النظام لأجل عدم إتاحة هذه الفرصة لهذه المجموعات وغيرها أن تستفيد منه بطرق مخلة للأنظمة وتأثيراتها السلبية، مؤكدا أن المقترحات ربما يتم معارضتها من قبل المكاتب غير المتخصصة، مضيفا “نظرا لطبيعة تعارضها مع مصالحهم الخاصة دون الأخذ بالاعتبار أولا للحق القانوني بالمطالبة بها من المكاتب الاقتصادية ولتعارضها ومتطلبات الخطط التنموية الاقتصادية والأمن الاقتصادي”.
وقال إن هناك إجراءات جوهرية وهامة لضمان سد الثغرات وإغلاق هذا المنفذ الخطر وهي بالدرجة الأولى دواعي أمن اقتصادي ومهني يجب العمل لفرضها من الجهات التشريعية والجهات ذات العلاقة.
وقال إنه على الهيئة السعودية للمستشارين الاقتصاديين إما تحويل جمعية الاقتصاد السعودية إلى هيئة وتفعيل دورها كمرجعية مهنية على غرار هيئة المحاسبين السعوديين في تبني مثل هذه الورقة كذلك توصيات جميع المنتديات السابقة ومتابعة جميع الجهات المعنية في تنفيذ التوصيات أو الشروع في تأسيس هيئة سعودية خاصة بالمستشارين الاقتصاديين السعوديين تابعة لوزارة التجارة، يكون هدفها حماية وتفعيل دور المهنة، كما أن على وزارة التجارة عند التشريع، ضرورة تحديد وحصر مهام مهنة المستشار الاقتصادي على مكاتب الاستشارات الاقتصادية، والتي من أبرزها دراسات الجدوى وخطط الأعمال الاقتصادية، الدراسات والأبحاث والمسوحات الإحصائية والاقتصادية الجزئية والكلية، دراسات وحلول الكفاءة الاقتصادية، دراسات التقييم والتخطيط الاقتصادي والتنموي للمنظمات، تنفيذ وتشغيل وحدات استطلاعات الرأي والتقارير الاقتصادية.
وزاد “يجب رفع الحد الأدنى لمتطلبات ترخيص مزولة مهنة مستشار اقتصادي، والتشديد بإصدار تراخيصها، إقرار تشريع اشتراط تصديق دراسات الجدوى بالمقام الأول من مكتب وطني مرخص يعمم على جميع الجهات التي تشترط دراسة جدوى سواء لترخيص أو لتمويل أو لتأسيس أو تحويل وخلافه، إصدار تعميم من وزارة الصناعة والتجارة لجميع الجهات ذات العلاقة بطلب دراسات الجدوى الاقتصادية من وزارات وهيئات ومؤسسات وصناديق حكومية وشبه حكومية وخاصة بأهمية شرط “تكون دراسة الجدوى صادرة ومصدقة من مكتب استشارات اقتصادية فقط وطني وساري الترخيص ومصدق من الغرفة التجارية”، متسائلا في الوقت ذاته عن الفرق بين شرط وتصديق ميزانية من مكتب محاسبة قانوني وعدم تصديق دراسة جدوى من مكتب استشارات اقتصادية وطني مع فارق اختلاف الحاجة والأهمية للاقتصاد الوطني.
وأضاف “يجب الرفع لوزارة المالية بطلب التعميم على جميع جهات التمويل والتراخيص التابعة لها من مؤسسات وصناديق وهيئات وبنوك حكومية وشبه حكومية وجهات التمويل الخاصة بضرورة اشتراط أن تكون دراسات الجدوى معتمدة ومصدقة من مكتب استشارات اقتصادية وطني مرخص”.
واستطرد “يجب اعتماد وتخصيص تأشيرات عمل خاصة بالباحثين والأخصائيين الاقتصاديين والإحصائيين لمكاتب الاستشارات الوطنية، بدلا من الاعتماد على متعاونين سواء كانوا أكاديميين أو موظفي قطاعات أخرى غير متفرغين”، مؤكدا فشلهم الذريع مرجعا أسباب التعثر إلى أن معظم القطاعات الحكومية نفسها تشتكي من عدم توافر كفاءات وطنية مؤهلة بتخصص باحث وأخصائي اقتصادي وإحصائي، قائلا “نجد أن معظم شاغلي هذه الوظائف لدى القطاع الحكومي وشبه الحكومي من غير السعوديين”، مشددا على ضرورة جلب الخبرات المهنية النادرة وتوطينها.
وشدّد الزمام على ضرورة تشريع وإصدار قرار (من متطلبات تمويل أو ترخيص أو مناقصات حكومية وشبه حكومية وقطاع خاص من صناديق وبنوك ومؤسسات وجمعيات خيرية وتعاونية) لاشتراط رخصة استشارات اقتصادية وطنية مع مطابقة الأصل وتصديق من الغرفة التجارية لتفادي استخدام صور تراخيص أو رخص مزوره، مؤكدا على ضرورة التحرك لمتابعة هذه المجموعات تمهيدا لحصرها والكشف عن أنشطتهم المشبوهة.
(( جريدة الرياض ))