ملف يوم التأسيس.. التحوّل عبر ثلاثة قرون: السعودية بين مجد الماضي..  وطموح المستقبل

يوم التأسيس- اقتصاد

ملف يوم التأسيس..

التحوّل عبر ثلاثة قرون السعودية بين مجد الماضي..  وطموح المستقبل

على مدى ثلاثة قرون، خطّت المملكة العربية السعودية تاريخها بإرادة صلبة ورؤية واضحة، من نواة الدولة السعودية الأولى  عام 1727 إلى قوة اقتصادية وسياسية عالمية في ظل رؤية 2030. فقد مرت البلاد بمراحل مفصلية من الوحدة، والبناء، والتحديات، وصولًا إلى نهضة غير مسبوقة جعلتها اليوم نموذجًا فريدًا للتطور والازدهار.

وفي ظل هذه المسيرة الحافلة، باتت السعودية لاعبًا أساسيًا على الساحة الدولية، لا تكتفي بالحفاظ على إرثها العريق، بل تسعى إلى إعادة تشكيل مستقبلها بأدوات الحداثة والابتكار، مستندة إلى تحولات اقتصادية ضخمة جعلت منها إحدى أكبر 20 اقتصادًا عالميًا، وفق تصنيف مجموعة العشرين. (G20)

الدولة السعودية الأولى.. بداية التأسيس

بدأت رحلة السعودية من الدرعية عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1727، متبنيًا مبدأ الوحدة والاستقرار في شبه الجزيرة العربية. استطاعت الدولة فرض سيادتها وتوسيع نفوذها، لتصبح قوة بارزة في المنطقة، لكنها لم تدم طويلًا، حيث انتهت في عام 1818م نتيجة للحملات التي أرسلتها الدولة العثمانية، وكان آخرها حملة إبراهيم باشا التي تمكنت من هدم الدرعية وتدمير كثير من البلدان في مناطق الدولة السعودية الأولى في أنحاء الجزيرة العربية.

الدولة السعودية الثانية.. استعادة الوحدة

ولم يمض عامان من نهاية الدولة السعودية الأولى حتى عاد القادة من آل سعود إلى الظهور من جديد لإعادة تكوين الدولة السعودية، وكانت أولى محاولاتهم عام 1235هـ/1820م عندما حاول الأمير مشاري بن سعود إعادة الحكم السعودي في الدرعية لكنها لم تدم إلا مدة قصيرة لم تتجاوز بضعة أشهر، ثم تلتها محاولة ناجحة قادها الإمام تركي بن عبد الله ابن محمد بن سعود في عام 1240هـ/1824م أدت إلى تأسيس الدولة السعودية الثانية وعاصمتها الرياض.

وفي عام 1309/1891م غادر الإمام عبدالرحمن بن فيصل بن تركي الرياض إثر حدوث الخلافات، لتنتهي بذلك الدولة السعودية الثانية.

انطلاق المملكة نحو المستقبل

وفي الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق للخامس عشر من شهر يناير (1902م) تمكن الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود من استرداد الرياض والعودة بأسرته إليها لكي يبدأ صفحة جديدة من صفحات التاريخ السعودي.

وفي السابع عشر من شهر جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق التاسع عشر من شهر سبتمبر عام 1932م صدر أمر ملكي للإعلان عن توحيد البلاد وتسميتها باسم »المملكة العربية السعودية»، ابتداءً من الخميس21 من جمادى الأولى عام 1351هـ الموافق 23 سبتمبر 1932م (الأول من الميزان).

ويعد هذا الحدث التاريخي نقطة تحول كبيرة في تاريخ المنطقة ؛ لما أدى إليه من قيام دولة سعودية حديثة تمكنت من توحيد معظم أجزاء شبه الجزيرة العربية، وتحقيق إنجازات حضارية واسعة في مختلف المجالات.

مع توحيد المملكة، بدأ عهد جديد من الاستقرار والتنمية، حيث ركّزت القيادة على بناء الدولة الحديثة، فتم إنشاء المؤسسات الحكومية وتطوير البنية التحتية، مع التركيز على التعليم والصحة والخدمات الأساسية.

النفط يؤسس لاقتصاد سعودي قوي

كان اكتشاف النفط عام 1938 في بئر الدمام رقم 7 أحد أكبر الأحداث التي غيرت مسار المملكة، إذ فتح الباب أمام نهضة اقتصادية ضخمة. اليوم، تُعد السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، وتمتلك ثاني أكبر احتياطي نفطي عالميًا بحوالي 266.5 مليار برميل.

استُثمرت العائدات النفطية في بناء الطرق، والمستشفيات، والمدارس، والمشاريع التنموية، ما مكّن المملكة من تحقيق قفزات نوعية في مختلف المجالات. كما أسست الحكومة شركة أرامكو السعودية، التي أصبحت اليوم أكبر شركة نفط في العالم من حيث القيمة السوقية، حيث بلغت قيمتها 1.9 تريليون دولار في عام 2023.

ومع تطور الاقتصاد، أصبحت السعودية عضوًا مؤسسًا في منظمة أوبك وساهمت في تحقيق استقرار سوق النفط العالمي، كما توسع الاقتصاد ليشمل مجالات أخرى مثل الصناعة والتجارة.

رؤية 2030.. التحول الاقتصادي والاستدامة

في عام 2016، أطلق صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الوزراء رؤية 2030، وهي خارطة طريق طموحة تهدف إلى تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على النفط، وتحقيق التنمية المستدامة. تشمل هذه الرؤية مشاريع كبرى تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للاستثمار والابتكار.

أهم محاور رؤية 2030:

تنويع الاقتصاد:

ارتفعت مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي من 40% في 2016 إلى 50% في 2023.

بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في السعودية 32 مليار دولار في 2022، بزيادة 30% عن العام السابق.

التكنولوجيا والابتكار:

تهدف المملكة إلى أن تصبح مركزًا عالميًا للذكاء الاصطناعي، حيث استثمرت أكثر من 20 مليار دولار في هذا القطاع.

تم إطلاق مشروع ذا لاين في نيوم، وهو أول مدينة ذكية صديقة للبيئة بلا انبعاثات كربونية.

السياحة وتنويع مصادر الدخل:

تستهدف السعودية جذب 100 مليون سائح سنويًا بحلول 2030، مع تحقيق عائدات تصل إلى 100 مليار دولار سنويًا.

مشروع البحر الأحمر السياحي سيضيف أكثر من 70 ألف وظيفة جديدة ويحقق إيرادات بقيمة 22 مليار دولار سنويًا.

Exit mobile version