اتجاهات سوق العقارات في رمضان.. ركود أم فرص استثمارية؟

مع حلول شهر رمضان المبارك كل عام، يترقب المستثمرون والمتعاملون في القطاع العقاري تأثير هذا الموسم على حركة البيع والشراء، حيث تشهد الأسواق تغيرات ملحوظة في مستويات الطلب والعرض. وبينما يرى البعض أن الشهر الكريم يرتبط بركود موسمي نتيجة تغير أنماط الاستهلاك وتوجه الاهتمام إلى الاحتياجات الأساسية، يرى آخرون أنه يمثل فرصة واعدة للمشترين الراغبين في اقتناص العروض والتخفيضات التي يطرحها المطورون العقاريون لتنشيط السوق.

لكن، كيف يتأثر سوق العقارات خلال رمضان؟ وهل يشهد القطاع تباطؤًا حقيقيًا أم أن الفرص الاستثمارية تظل قائمة رغم التحديات؟ في هذا التقرير، نستعرض أبرز الاتجاهات العقارية خلال الشهر الفضيل، والفرص التي يمكن للمستثمرين والمشترين الاستفادة منها.

1. تباطؤ مؤقت في حركة البيع والشراء

عادةً ما تتراجع معدلات البيع والشراء خلال الأيام الأولى من رمضان، حيث ينشغل الأفراد بالتحضيرات والاستعدادات لاستقبال الشهر الكريم، وهو ما يؤدي إلى تأجيل القرارات الشرائية الكبرى، مثل شراء العقارات. كما أن تغير أوقات الدوام الرسمي في معظم الدول العربية، إلى جانب نمط الحياة الذي يتركز على العبادات والأنشطة الاجتماعية، يساهم في تقليص عدد الزيارات الميدانية للمشاريع العقارية وتأجيل عمليات التفاوض والإتمام إلى ما بعد رمضان.

لكن هذا التباطؤ لا يستمر طويلًا، إذ تبدأ حركة السوق في التحسن مع منتصف الشهر، خاصة مع طرح المطورين العقاريين عروضًا ترويجية لتحفيز المبيعات وتعويض فترة التراجع.

2. العروض الترويجية تحرك المياه الراكدة

لمواجهة التباطؤ النسبي في السوق، تتجه شركات التطوير العقاري إلى تقديم خصومات وعروض جذابة لجذب المشترين، وتشمل هذه العروض تخفيضات على الأسعار، خطط سداد مرنة تمتد لفترات أطول، وإعفاءات من بعض الرسوم مثل رسوم التسجيل أو الصيانة.

وتعد هذه الفترة فرصة مثالية للراغبين في امتلاك عقارات بأسعار تنافسية، حيث يحاول المطورون زيادة حجم المبيعات من خلال تقديم ميزات إضافية، مثل تأثيث الوحدات السكنية مجانًا أو تخفيض تكاليف التمويل العقاري بالتعاون مع البنوك.

3. زيادة الإقبال على الوحدات السكنية الجاهزة

تشير الاتجاهات إلى أن الطلب على العقارات الجاهزة للسكن يرتفع خلال شهر رمضان، مقارنة بالمشروعات قيد الإنشاء. ويعود ذلك إلى رغبة المشترين في تفادي الانتظار الطويل والإجراءات التي قد تستغرق شهورًا، إضافة إلى أن بعض العائلات تفضل شراء منازل قبل حلول عيد الفطر للانتقال إليها سريعًا.

وفي المقابل، قد تتباطأ مبيعات المشاريع غير المكتملة خلال الشهر، حيث يفضل المستثمرون الانتظار لحين وضوح الرؤية الاقتصادية بعد رمضان، ما يدفع بعض الشركات إلى تقديم حوافز إضافية لجذب المشترين المحتملين.

4. تغير أنماط البحث والشراء نحو الحلول الرقمية

مع تقليل الزيارات الميدانية إلى المشاريع العقارية خلال رمضان، يعتمد المشترون بشكل أكبر على المنصات الرقمية لاستكشاف الخيارات المتاحة، حيث تلعب الجولات الافتراضية والمعاينات الإلكترونية دورًا متزايد الأهمية في تسهيل عمليات البحث واتخاذ القرارات.

وقد دفع هذا الاتجاه العديد من الشركات إلى تعزيز وجودها الإلكتروني من خلال تحديث مواقعها الإلكترونية، وعرض تفاصيل المشاريع عبر تقنيات الواقع الافتراضي، بالإضافة إلى تنظيم جلسات استشارية عن بُعد مع العملاء المهتمين.

5. تأثير موسمي يختلف حسب الموقع ونوع العقار

يختلف تأثير شهر رمضان على السوق العقاري باختلاف الموقع ونوع العقار. فبينما قد تشهد المدن الكبرى التي تعتمد على الطلب المحلي تراجعًا نسبيًا في النشاط، فإن المناطق السياحية أو المدن التي تستقطب استثمارات خارجية قد تستفيد من زيادة الطلب على العقارات المخصصة للإيجار قصير الأمد، خاصة مع قرب موسم العيد وعودة المغتربين.

كما أن العقارات التجارية، مثل المكاتب والمحلات، قد تشهد تباطؤًا خلال الشهر الكريم نتيجة تغير أنماط الإنفاق وتركّز الاستثمارات في القطاعات الاستهلاكية والخدماتية، في حين تظل العقارات السكنية الخيار الأكثر استقرارًا في هذه الفترة.

6. رمضان.. فرصة للمستثمرين الباحثين عن العوائد طويلة الأجل

رغم التباطؤ النسبي الذي قد يشهده السوق العقاري في بعض فترات رمضان، إلا أن الشهر الكريم يوفر فرصًا مغرية للمستثمرين الذين يتطلعون إلى اقتناص العقارات بأسعار مخفضة قبل انتعاش السوق بعد العيد.

كما أن التمويل العقاري يكون أكثر مرونة خلال هذه الفترة، حيث تقدم بعض البنوك وشركات التمويل الإسلامي تسهيلات خاصة تتماشى مع احتياجات العملاء في رمضان، مما يمنح المشترين فرصة للاستفادة من شروط تمويل ميسرة.

اتجاهات القطاع العقاري ما بعد رمضان

بوجه عام، يتأثر السوق العقاري خلال شهر رمضان بعدة عوامل، من بينها تغير سلوكيات المستهلكين، والعروض الترويجية التي يطرحها المطورون، والمرونة التي تقدمها جهات التمويل. ورغم أن الشهر قد يشهد تراجعًا في حركة المبيعات خلال الأيام الأولى، إلا أن الأسواق تشهد انتعاشًا تدريجيًا في النصف الثاني، مدعومًا بالعروض المغرية واقتراب موسم العيد الذي يدفع بعض المشترين إلى اتخاذ قرارات سريعة.

وعادةً ما يشهد السوق العقاري انتعاشًا ملحوظًا بعد رمضان، حيث تعود وتيرة المبيعات إلى طبيعتها، بل وتزداد في بعض الحالات، خاصة مع بدء العطلة الصيفية وارتفاع الطلب على العقارات السكنية والاستثمارية. ولذلك، فإن المستثمرين الذين يستغلون فترة العروض الرمضانية قد يحققون مكاسب جيدة على المدى الطويل.

 

Exit mobile version