حدثتُ نفسي عن نفسي فقلت؛ عندما كنت طفلا كان ابي غنيا وكان لا يرضيني إلا أثمن وأندر الألعاب وتعلمت أني إذا طلبت شيئا ما فإني لا محال سأقتنيه ثم ما ألبث حتى يصيبني الملل منه وينتهي به الطاف بسلة المهملات مودعا معه أجمل الذكريات وأمتع اللحظات، كنت طفلا ذو مطالب كثيرة مغمورا بحنان أمي وحمايتها وعبائة أبي ولطفه واحترامه، تعلمتُ الأدب من بُستان الخُلُق واستقيتُ الرجولة من موروثنا الشعبي بنُصحِ أبي وجدي فكان لكلاهما عظيم الأثر وبالغ المعنى في نفسي وعرفتُ أن الانسان بلا علم يصبح خالي العقل مهجور القلب!
بمحضِ إرادتي اخترتُ مراتع العلم ولحقت بركائب طلاب العلم متعلما ومتفقها ما أراد الله بي من خير وصلاح ولا حجة لي على قوام نفسي سوى نفسي، فكل نفسٍ بما كسبت رهينة وأني إذا أخطأت تعلمت وتذكرت أن الذي يُخطيء هو الذي يعمل وكلما تعددت الأخطاء كلما كثُرت الإنجازات ولكن الفقه في التنمية هو أن لا تُكرر خطأك مرتين وثلاث والعقل ميزان المعرفة فالذي يُخطيء ثم يتعلم أفضل من الذي لا يخوض التجربة ويبقى مُسالماً فذاك يُضعف ذاته في أمرين اولاهما؛ الخبرة العملية والثانية؛ التدريب والتكتيك التطبيقي.
في ظِل أبي كان هناك رجل يكنز الهمة في ذاتي ويُوقِر الطموح فيها بل كان يُلطف الأحلام في مخيلتي، لاشيء قد يبقى في الذاكرة أكثر من كلمة إيجابية تُزاحم أعاصير السلبية وتقتلع الشعور بالكُره تجاه أي شي، وفي ظله كنتُ رجلا يختبيء بجسد طفل يرى بأنه المسؤول ويُسأل عن نتائج تصرفاته فهذا أنا.. وأنت من تكون؟!
قياس المعنى علينا جميعا دون أحد سوانا فالكل يريد أن يكون ذَا قيمة والقيمة لها وزن وإذا لم نُهيء أنفسنا لخوض التجارب والتعلم فسترجح كفة الخسارة ولا وقت للحسرة آنذاك.
هذا من ذكرياتي ومتأكد أنها تشابهت ببعض ذكرياتكم المتعلقة بهذه الجوانب وربما أضأت جانبا منسي في ذواتكم أصبح عديم القيمة بسبب إغفاله وإهماله! ( طفولتنا ) التي تشكلت بها شخصياتنا بشكل كبير هي السبورة البيضاء التي رسمنا عليها مانحن عليه الآن فكل ريشة تعرف محبرتها وأفضل الأقلام من كان به ممحاة وهنا قاعدة تعلمتها قديما وهي الختام؛
كُلما كبرت مِسّاحتُك أي مساحة الأخطاء كُلَّمَا اتسعت مسَاحَتُك مع الأخرين، دمتم سالمين
كاتب / مستشار تنمية بشرية