يعد الادخار أحد أبرز السلوك الاجتماعي الذي له تأثيرات اقتصادية واجتماعية، في مختلف المجتمعات، لما يمثله من أهمية قصوى على مستقبل أفراد المجتمع بصورة عامة، وتعد ثقافة الادخار منخفضة لدى كافة أفراد المجتمع السعودي إلى حد كبير، عكس المجتمعات الأخرى التي تعتبر الادخار أحد أهم الآليات التي من خلاله تستطيع أن توفر المال اللازم لإعانتها مستقبلا.
وبحسب أحدث الإحصائيات، فإن نسبة الادخار لدى الأسرة السعودية من دخلها السنوي، يمثل حوالي 2,4% ، بينما المعدل العالمي يبلغ 10%، كحد أدنى. وللأسف فإن الكثير من الأسر بالمملكة تدخر المال ليس لاستخدامه في ضروريات أساسية، كشراء عقار، أو أرض، أو تأسيس مشروع، بل لإنفاقه استهلاكيا، وعادة ما يكون مرتبطاً بفترة الإجازة الصيفية، كالسفر للخارج، أو السياحة، وهذا يفسر انخفاض الودائع المصرفية طويلة الأجل لدى بنوكنا.
وبالتأكيد، هذا سلوك خاطئ لمفهوم ثقافة الادخار، تجرده من أهدافه طويلة المدى، فمعظم الأسر السعودية يرتبط ادخارها بسلوك استهلاكي قصير المدى، دون النظر لأحوال وتقلبات المستقبل.على أفراد المجتمع السعودي أن يتفهموا أن الادخار، بمفهومه المتطور والحديث، يتم تسخيره لشراء ما يفيد كافة أفراد الأسرة مستقبلا، كاستثماره في شراء عقار، أو قطعة أرض، أو مشروع تجاري، وليس للإنفاق في سلع استهلاكية، أو رحلات سياحية، أو شراء أثاث منزلي.
وعلى سبيل المثال، فإن الكثير من الأسر الأوروبية والآسيوية لها نهج متطور لثقافة الادخار، فهي تستقطع جزءاً مقدراً من دخلها الشهري، لتدخره في حساب ادخاري طويل المدى، لتستثمره في شراء عقار، أو قطعة أرض، أو تأسيس مشروع تجاري. أي أن مبالغ الادخار، يتم إنفاقها في مشاريع تفيد كافة أفراد الأسرة لتعينها لمواجهة الظروف مستقبلا، هذا هو الأسلوب الأمثل للادخار الذي يجب أن يتفهمه أفراد مجتمعنا.
أعتقد أن التوعية الصحيحة بمفهوم الادخار لشراء عقار، أو تأسيس مشروع تجاري، يقع على عاتق عدة جهات، منها الغرف التجارية، الأجهزة الإعلامية ومؤسسات المجتمع المدني، وجمعيات وهيئات حماية المستهلك.
يجب على كل هذه الكيانات أن تقوم بدورها لتوعية المجتمع، بالمفهوم الصحيح للادخار، فهو أحد مستهدفات رؤية المملكة 2030 لأنه يعد أبرز مصادر الدخل المبتكرة.