يعتبر قرار المجلس الأعلى للقضاء المتعلق بإنشاء محاكم عقارية تختص بقضايا العقار والذي صدر الأسبوع الماضي غاية في الأهمية، لأنه يصب في اتجاه الإسراع في رد حقوق المستحقين ودعم استقرار سوق العقار بصورة عامة.
وهذه المحاكم المتخصصة ستهتم فقط في البت في القضايا المتعلقة بالعقار كافة، والتي ظل بعضها متعطلا لسنوات طويلة تعدى بعضها الثلاثة عقود، خاصة قضايا المساهمات العقارية التي تذكرنا بحرب «داحس والغبراء» في الجاهلية والتي استمرت، كما يحدثنا التاريخ نحو 40 سنة.
وقد أدركت أخيراً جهات القضاء ،في بلادنا، مدى الحاجة الملحة لمحاكم تختص بقضايا العقار، من صفقات عقارية ووساطة عقارية، وغيرها مثل دعاوى الإلزام بالبيع العقاري أو الغبن فيه وغيرها من القضايا التي تعج بها مختلف مناطق المملكة.
وتعد القضايا العقارية الأعلى نسبة بين المحاكم السعودية نسبة لتشابكها وتشعبها كالتعويضات والمشكلات العائلية والخلافات والنزاعات وأيضا نسبة لاختلاف أنواعها، كازدواجية الصكوك وتداخلها مع قضايا الرهن العقاري وكذلك الإفراغات الصورية.
وإنشاء هذه المحاكم له شقين، الأول يتعلق بأهمية توفير عدد كاف من القضاة، تكون لديهم الخبرة الكافية والإلمام بأسرار هذا القطاع الهام، والشق الثاني يتعلق بتوفير المباني اللائقة حسب المعايير العالمية التي تراعي خصوصية قضايا العقار، وفصلها بصورة تامة عن المحاكم الأخرى.
لقد جاء إنشاء هذه المحاكم في وقت يشهد فيه سوق العقار تقلبات أشبه بالكر والفر سواء كان على مستوى تذبذب الأسعار أو الجودة أو التمويل، وكل هذه التداعيات تتطلب من الجهات المختصة الإسراع في ضبط السوق حتى لا تفلت الأمور ويصعب ضبطها.
وزارة العدل لها من الإمكانيات البشرية والمعلوماتية ما يمكنها من تنفيذ هذا القرار على أرض الواقع بصورة صارمة، خاصة وأن الوزارة دشنت خلال السنة الماضية المؤشر العقاري الجديد الذي قام على أنظمة برامج معلوماتية على درجة عالية من التقنية وذلك من خلال التتبع الآلي للفراغات، وتحليلها الإحصائي بطريقة متطورة، مما يساعدها على حفظ معلومات قطاع العقار بصورة حديثة، مع إمكانية الرجوع إليه في أسرع وقت دون عناء، لا سيما وأن الوزارة فعلت استخدام التقنية الإلكترونية ضمن إجراء العملية التوثيقية، كل هذه الخطوات ستمثل قاعدة ثرية تنطلق منها المحاكم العقارية المتخصصة، ولن نرى مستقبلاً قضايا طويلة الأمد في مجال القطاع العقاري.