تنفس القطاع العقاري الصعداء واستبشر خيراً بإقرار الهيئة العليا للعقار، والتي جاءت -وبعد طول انتظار- تتويجاً لجهود ودراسات استمرت سنوات طويلة بذل فيها القائمون عصارة تجاربهم وخلاصة أفكارهم ،حتى خرجت بنظام ولوائح جديرة برسم ملامح جديدة للسوق في ظل وجود جملة من المتغيرات الاقتصادية والتنظيمية في القطاع، ومن هنا لابد أن نرفع شكرنا وتقديرنا العميق لولاة الأمر لاهتمامهم ودعمهم اللا محدود منذ أن كانت المبادرة مقترحاً وحتى دفعت بها لجنة الخبراء لمجلس الوزراء لإقرارها.
ونعلم أن أفكاراً عظيمة كانت خلف هذا الإنجاز، وقد تجاوزت بكل اقتدار العقبات التي واجهتهم، إلى أن تكللت جهودهم بالنجاح، ولكن يبقى هنالك تحدي جديد ومهم في بلوغ الهيئة أهدافها الإستراتيجية التي جاءت في المادة الثالثة والتي تتركز في إزالة التشوهات من واقع السوق باقتراح الأنظمة واللوائح والسياسات ذات العلاقة بالأنشطة العقارية، ووضع المعايير الخاصة بها، وتصميم الخطط اللازمة لممارسة اختصاصاتها، والإشراف على تنفيذها، وهذه الأهداف تحتاج لتفهم وتعاون كبير من كل ممارسي النشاط العقاري بمختلف أنشطتهم،حتى تستطيع أن تضع بصمتها بتسهيل وإيجاد بيئة مثالية للاستثمار، خالية من المعوقات بإذن الله.
وعلى حسب الإحصائيات فهنالك أكثر من 39.5 ألف منشأة عقارية، 90% منها من فئات المنشآت الصغيرة والمتوسطة تنتظر بداية عمل الهيئة، حيث أن معظمها به خلل نظامي أو مهني ومهددة بالخروج من السوق في حال أشرفت الهيئة على تراخيص الأنشطة العقارية وطبقت معاييرها الجديدة.
لذا، نأمل أن تتدارك الشركات والمؤسسات العقارية الموقف بخلق كيانات قوية ذات أسس متينة تقوى على تقلبات الاقتصاد وتساعد الهيئة والجهات التنظيمية على عملها في تشييد أركان وقواعد متينة للسوق العقاري سواءً من الناحية السوقية أو التنظيمية ونتوقع أن تستوعب المنشآت الصغيرة الدرس بالاندماج والاتحاد مع بعضها البعض في تحالفات قوية تجنبها مغبة مغادرة السوق لأن المستقبل للأقوياء، والطريق سيكون وعراً وشاقاً أمام المكاتب العقارية المتراصة على طول بعض الشوارع، وخاصة أن الجهات المختصة قطعت شوطاً كبيراً في التعاملات الإلكترونية وخاصة برنامجي «إيجار» و»وافي».
وما يجعلنا نرفع سقف التفاؤل أن الهيئة تستند على مجلس إدارة مخول بسلطات عُليا وفي عضويته سبعة وزارات ستعمل جميعها بلا تداخل سلطات ، مما يجعل الخطط تنفذ بسلاسة تحت مظلة الهيئة، ومن المنتظر أن تتضافر جهود الهيئة مع وزارة الإسكان والقطاع الخاص لوضع حلول واقعية ومتكاملة في توفير أكبر قدر من الوحدات السكنية.