عامٌ مر على نشر هيئة السوق المالية التعليمات الخاصة بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة التي أعلنتها الهيئة في أكتوبر من العام الماضي 2016م, لتأتي متماشية مع برنامج التحول الوطني الذي يهدف لزيادة الناتج المحلي عبر الاستثمار الآمن في عقارات مطورة تطويرا إنشائيا, وتعتبر خطوة مهمة من أجل هيكلة وتطوير القطاع العقاري, ومعالجة ذكية وعملية لزيادة رأس المال العامل في القطاع.
التخارج بسعر السوق والأرباح العادلة
تتفوق الصناديق الاستثمارية على التقليدية في عدة نواحي على الرغم من أنها تأسست قبل صناديق (ريت) ولها أهداف استثمارية مشابهة، إلا أن للصناديق العقارية المتداولة العديد من المزايا الجاذبة التي تحفز المستثمر وتساعده على الاشتراك فيها مثل سهولة التخارج؛ وهو أمر غير موجود حالياً في الصناديق العقارية التقليدية، حيث سيتمكن المستثمر الذي يرغب فى بيع وحداته من بيعها فى السوق والحصول على السعر العادل لها (سعر السوق) الذي يتضمن رأس المال المستثمر، بالإضافة إلى الأرباح المتوقعة غير الموزعة بعد.
أما في الوضع الحالي فقد ينتظر المستثمر عدة شهور حتى يجد مستثمرا آخر ليشتري وحداته الاستثمارية، والتوزيعات الجيدة, وكذلك تتفوق (ريت) على التقليدية في توزيع الأرباح حيث نصت اللوائح على أن لا تقل نسبة توزيع الأرباح على ملاكي الوحدات عن 90% سنويا من صافي دخل الصندوق, أما في الصناديق التقليدية فإن توزيع الأرباح يخضع لرغبة مدير الصندوق وموافقة أعضاء مجلس إدارة الصندوق.
تغيير جذري في القطاع العقاري
مع مرور الزمن بدأ سوق الصناديق العقارية المتداولة في النضوج لتتطور معه منظومة من النشاطات العقارية بشكل إلزامي لتواكب هذا الاستثمار الشفاف الذي يطبق فيه أعلى معايير الحوكمة.
وهذه المنظومة تشمل نشاط التقييم العقاري وفروعه ونشاط تحديد كفاءة المستأجرين وتصنيفهم حسب ملاءتهم المالية والمحافظة على التزاماتهم ونشاط التطوير الإنشائي للعقارات المدرة، حيث سيتأصل تصنيف المقاولين والمطورين حسب العقارات التي يتميزون في تطويرها، وكذلك نشاط إدارة العقارات وتسويقها.
وعلى مستوى القطاع العقاري فنحن على موعد مع تغيير جذري، ففي الأجل القصير قد يؤدي إقبال تلك الصناديق على العقارات المدرة للدخل إلى زيادة في أسعارها، إلا أنه في الأجل المتوسط والطويل من المتوقع أن يتم إنشاء العديد من العقارات بهدف التأجير وليس بهدف التمليك فقط كما هو الحال الآن, ويتوقع تبعاً لذلك انخفاض تكلفة التأجير والإسكان على حدٍ سواء.
جذب وتسييل رؤوس الأموال
وفضلاً عن المزايا والفوائد الخاصة للمستثمر والشركات, إلّا أن هنالك فوائد عامة تؤثر على المستوى الكلي وستلقي بظلال إيجابية على القطاع العقاري بصفة خاصة والاقتصاد السعودي بصفة عامة، حيث إن تلك الصناديق سوف تشجع رؤوس الأموال الأجنبية في الدخول والاستثمار طالما أنها قد ضمنت سهولة التخارج, وتحفز توطين الاستثمار بجذب الكثير من الثروات الهاربة للخارج.
كما أنها سوف توفر للبنوك المحلية فرصة لتسييل أصولها العقارية وتحويلها إلى منتجات مالية قابلة للتداول والبيع ما سيؤدي بالضرورة إلى زيادة عملية الإقراض وانخفاض تكلفته، كما أن جزء كبير من المخزون العقاري بالمملكة الذي يتم تقييمه بالتكلفة سوف يعاد تقييمه ليعكس القيمة العادلة له.
إتاحة الاستثمار للجميع.. وتقليل المخاطر
سيكون الاستثمار في الصناديق العقارية المتداولة في متناول الجميع بحكم طرحها للتداول ما سيشكل وعاءاً استثمارياً جديدا لصغار المستثمرين بجانب سوق الأسهم ما يؤدي إلى مقدرتهم على تنويع محافظهم الاستثمارية وتقليل درجة المخاطر التي قد يتعرضون لها، في حين أن الصناديق العقارية التقليدية قد تكون متاحة لفئة معينة من المستثمرين فقط, كما يعتمد البعض عليها كمحفظة ادخارية تحفظ وتنمي أصل الاستثمار.
وستكون هذه الصناديق أفضل قناة تساعد المواطن على الادخار بشكل محفز، حيث إن قيمة استثماره تزيد مع مرور الوقت بسبب الارتفاع في قيمة الأصول المملوكة للصندوق وعلى أقل تقدير فان أصل الاستثمار محمي من عوامل التضخم، حيث سيكون التضخم معكوسا في قيمة الأصول.