على الرغم من مساعي الدولة الحثيثة والملموسة في تحفيز الاستثمار وتسهيل إجراءاته، إلّا أن أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة لا يزال يواجهون إعصاراً قوياً من الأنظمة والقوانين والتشريعات والتقنيات التي تكبل قيود الاستثمار والإنتاج المنشود وذلك بهدر الوقت والجهد.
ومن المثبطات التي تحبط المستثمر كثرة قنوات فواتير الرسوم؛ حيث نجد وزارة العمل تطالب بدفع رسوم على رخص العمل والجوازات تطالب برسوم على الإقامات وبرسوم البريد وسداد أي مخالفات مرورية وكذلك فواتير مصلحة الزكاة والدخل، هذا فضلاً عن تلك الرسوم التي تظهر عند مراجعة عشرات الجهات مثل: الدفاع المدني والبلديات والسجلات والغرف التجارية والهيئات والوزارات٬ كل هذه الرسوم مرتبطة بنفس النشاط والمنشأة؛ فلماذا لا تدمج هذه الإجراءات٬ أو تجمع الاشتراطات والمطلوبات والرسوم في أمر سداد إلكتروني واحد؛ تسهيلاً للمواطن الراغب بالاستثمار أو ممارس العمل بنفسه حتى يساهم في النمو الاقتصادي وتنمية الوطن.
نرجو من الجهات المعنية مراجعة هذه التقنيات المعقدة وتطويرها للأسهل لأن المواطن والمستثمر الصغير ليس له إمكانيات لتوظيف معقباً٬ وفي نفس الوقت لا يستطيع فك شفرة التقنيات والروتين٬ فمع زيادة الإجراءات والرسوم يجب أن يقابلها تحقيق المعادلة الأخرى بتسهيل وتشجيع الآخرين بالدخول في أي نشاط دون المرور بتلك الجهات التي لا حصر لها ومقابلة موظفيها الذين نجد معظمهم غير أكفاء في التعامل مع المستثمرين أو الشباب الراغب في إقامة نشاطه.
نريد أن ترتفع الإنتاجية ويساهم المواطن في بناء مستقبله وتخفيض البطالة لتحقيق توجهات الرؤية 2030 التي تتطلب زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي,ويجب أن تنعكس الرسوم التي يدفعها المستثمر والرواتب والمخصصات التي تدفعها الدولة في حسن التعامل وسرعة الإنجاز والتسهيل وأن يكون الكل في محطة واحدة.
ونجحت وزارة التجارة لحد ما وبصورة جيدة في تسهيل الحصول على السجل التجاري٬ ولكن هذا وحده لا يكفي؛ حيث تبدأ الدوامة من جديد بضياع الوقت والجهد والمال والملاحقة بالسدادات التي لا يستطع المستثمر المسكين من القيام بها أو حتى إنهاء إجراءاته ليدور مرة أخرى على تلك الجهات إما للتجديد أو التسديد. فكيف نطالبه بالعمل والجلوس محلة التجاري؟ ونطالبه بالتعقيب والمراجعات المملة والطويلة. فهل القطاع العام سيتدخل وهل يكون محفزاً ومساندا للشاب الراغب بالعمل بنفسه أم ملاحقا، باحثاً عن رسوم.