تساهم ساعات العمل التي يمضيها الموظفين خلف مكاتبهم والعمال أمام ماكيناتهم في المصانع ومراكز الإنتاج المختلفة، بشكل مباشر في الناتج المحلي للدولة، فمساهمة الموظف بوقته وجهده وفكره في القيام بمهام عمله المختلفة تنعكس بقوة على مدى نجاح الدولة عموما. ولا شك أن عدد الساعات الحقيقية التي يقضيها الموظف في عمله عنصر رئيس في تعزيز مؤسساتهم، ومن ثم القطاع الذي تنتمي إليه ضمن قطاعات الاقتصاد المختلفة وصولا إلى ضخ مزيد من الدعم في أوصال المجتمع.
وبرغم ذلك انتهجت الدول الغربية نهجا مختلفا يدعو إلى تقليل ساعات العمل الأسبوعية، ففي فرنسا يبلغ عدد ساعات العمل 28 ساعة أسبوعيا، والسويد 27 ساعة، أما في اقتصادات الدول الآسيوية العملاقة فنلمس بوضوح مدى التفاني والتركيز وحب العمل، حيث بلغت ساعات العمل الأسبوعية في كوريا 50 ساعة، وسنغافورة 48 ساعة, وفي الصين طالبت دراسة حديثة بتقليص ساعات العمل السنوية والتي بلغت 2200 ساعة مقارنة بالمتوسط العالمي لساعات العمل والتي تبلغ 1770 ساعة وذلك لاتاحة الفرصة للعامل أن يحصل على قسط مناسب من الراحة، وتجديد النشاط، ومن ثم الابتكار.
إن زيادة عدد ساعات العمل هو أحد معايير النجاح ولكن مع مراعاة أن يتم الاستفادة منها بطريقة صحيحة لتصب في نهاية المطاف في خانة مصلحة العمل، فالعامل العربي الذي يعمل 18 دقيقة في اليوم، بحسب تقرير الاتحاد العربي للتنمية البشرية، يتم حساب مساهمته في دعم اقتصاد بلده بشكل سلبي، لأنه يعد عبئا على الخزانة العامة للدولة من حيث رواتبه ومزاياه التي يحصل عليها سنويا، من دون أي مساهمة حقيقية في الاقتصاد.
بل ان اقتصادات الدول العربية الضعيفة الهشة تتحمل ما لا تطيق حيث أن الموظف ضعيف الإنتاجية يستحوذ على وظيفة شخص أخر منتج قادر على العمل والعطاء وهو ما يكبد الدولة الخسارة مرتين، مرة لضعفه، ومرة أخرى لتكلفة الفرصة البديلة.
إن زيادة عدد ساعات العمل ضرورة حتمية لتحقيق عوائد قوية على الاقتصاد ومن ثم رفاهية المجتمع، بشرط أن تتم مراقبة كيفية قضاء الموظفين لأوقاتهم، ووضع معايير للأداء وتقييم المستوى العام للموظف، وفي المقابل توفير البيئة الملائمة للعمل، ودعمه ماديا ومعنويا، ومنحه وجبة غذائية يوميا لكي يتحمل ساعات العمل الطويلة.