دور المحاكم التجارية في دعم الاقتصاد الوطني بتطبيق إجراء إعادة التنظيم المالي وفقاً لنظام الإفلاس السعوي

د.محمد بن فهد الدوسري - المحاكم التجارية

د.محمد بن فهد الدوسري - المحاكم التجارية

كتب: د.محمد بن فهد الدوسري

إن الاقتصاد هو مرتكز قيام الدولة، وهو الترسانة الأساسية التي تجعل أي دولة في مصاف الدول العالم الأول، فلذلك كانت الدول تولي الاقتصاد الوطني الخاص بها عناية فائقة سواء على صعيد العلم الاستشرافي للمستقبل، أو على صعيد تعزيز الدراسات الاقتصادية، أو على صعيد الجوانب القانونية ذات الصلة الوثيقة بالجانب الاقتصادي، وتأسيساً على أن المملكة من مجموعة العشرين، وفي مصاف الدول التي تتمتع بأقوى الاقتصاديات العالمية، وكذلك تأسيساً على التطلعات الطموحة لرؤية المملكة ٢٠٣٠، وانطلاقاً من تخصصنا في القضاء التجاري، سنسلط الضوء على دور المحاكم التجارية في دعم الاقتصاد الوطني، من خلال توظيف أهم إجراءات نظام الإفلاس السعودي، والمتمثل في إجراء إعادة التنظيم المالي.

لقد أقرت السلطة التنظيمية في المملكة أهم إجراءات نظام الإفلاس، وهو إجراء إعادة التنظيم المالي، وتم تصنيف التعامل مع المدينين وفقاً لهذا الإجراء إلى إعادة التنظيم المالي لكبار المدينين، وإعادة التنظيم المالي لصغار المدينين، ويتمثل معيار تصنيف المدينين إلى معيار شكلي، يعتمد على حجم المديونيات، فإذا كان إجمالي ديون المدين التي في ذمته لا يتجاوز مليوني ريال سعودي (٢.٠٠٠.٠٠٠) عند افتتاح إجراء الإفلاس كان المدين مديناً صغيراً، وإن كانت الديون في ذمة المدين تتجاوز مليوني ريال سعودي (٢.٠٠٠.٠٠٠) عند افتتاح إجراء الإفلاس كان المدين من كبار المدينين.

المحاكم التجارية صاحبة الاختصاص في قضايا الإفلاس

ويأتي هنا دور المحاكم التجارية كونها صاحبة الاختصاص النوعي في نظر قضايا الإفلاس، في دعم الاقتصاد الوطني من خلال إدارة قضايا إجراءات الإفلاس بطريقة احترافية، والأهم كجهة محايدة، حيث إن المقصد من تشريع نظام الإفلاس، تمكين المدين المفلس أو المدين المتعثر أو الذي يعاني من اضطراب أوضاعه المالية من إعادة ترتيب أوضاعه المالية وإعادة إدارة نشاطه دون أن يضطر في ذات الوقت لتوقف عن ممارسة النشاط الاقتصادي، فإجراءات الإفلاس في غالبة وخاصة إعادة التنظيم المالي، لا تعني توقف التاجر عن ممارسة نشاطه، بل بالعكس يكون نشاطه مستمراً ومراقباً من جهة محايدة تتمثل فيالمحكمة التجاريةوأمين التفليسة، وهذا ما يعطي الدائنين الثقة في قبول إعادة جدولة الديون المتعثرة مع التاجر الخاضع لإجراء إعادة التنظيم المالي، ومن هنا يدعم القضاء التجاري الاقتصاد الوطني، عن طريق حماية التاجر من التوقف عن نشاطه، الذي لو تم عاد على الاقتصاد بشكل سلبي.

وكمثال على التطبيق الواقعي للموازنة بين التاجر المتعثر والدائنين،فإنه بمجرد قيد طلب افتتاح إجراء إعادة التنظيم المالي أو افتتاحه تتعلق المطالبات على التاجر، كي يستطيع التحرك بعد شلله الذي أعاقه عن ترتيب أوضاعه المالية، ولكن في ذات الوقت يجب أن يبدي التاجر المتعثر الجدية في ذلك، فحدد النظام مدة محددة لهذا الوقف لا يتجاوزها، مما يحثه بشكل فعلي على الجدية في استكمال إجراءات إعادة التنظيم المالي.

وتأسيساً على ما سبق يظهر الدور الريادي للقضاء التجاري السعودي، في دعم الاقتصاد الوطني والذي يضمن للاقتصاد الوطني استمرار التجار في ممارسة نشاطهم، وفي ذات الوقت ترتيب ديونهم، مع اطمئنان الدائنين أن ذلك تحت إشراف جهة محايدة، وهذا الدعم يشمل جميع الكيانات التجارية التي تمارس النشاط التجاري العقاري أو التجاري المصرفي أو التجاري التمويلي أو التجاري الإنشائي أو التجاري الصناعي أو التجاري للسلع الاستهلاكية أو التجاري في قطاع الاتصالات أو قطاع التأمين أو قطاع الطاقة والمعادن وغير ذلك، وهذا يشمل الكيانات الاعتبارية كالشركات والأشخاص الطبيعيين الذين يمارسون أعمالاً تجارية أو مهنية.

محكم تجاري حالياً

وقاض تجاري سابقاً

Dr.MohDossari@hotmail.com

Exit mobile version