رحلة البناء لن تكون آمنة وممتعة ومطابقة للتوقعات إلا بوجود مكتب هندسي متمكن

سؤال يتردد كثيرًا على أذهان المقبلين على تملك سكن؛ لكن قبل أن أبدأ في سرد مزايا كل اختيار وسلبياته، سأسرد لكم قصة حقيقية، تدور أحداثها بين أحد العملاء، وبين مكتبنا، جاءنا هذا العميل يطلب رأينا الفني في أحد المشاريع الجاهزة؛ ليتقدم لشرائه.

تكلفة المتر المربع لمشروع تسليم مفتاح

أثناء زيارتنا لهذا المشروع لكتابة التقرير الفني له، بدأ هذا العميل في سرد ملاحظاته على المشروع، وكيف أنه يريد تعديل وترميم المشروع؛ ليتناسب مع تطلعاته المستقبلية التي تطابق احتياجاته لمسكنه الخاص، وبدأ يذكر رغبته في تغيير الأرضيات، وإعادة تصميم الأسقف، وفتح هذه الغرفة على الأخرى، وتغيير نظام التكييف، والخ من تغييرات ورغبات.

بعد أن جمعنا مسطح بناء هذا المشروع، وقسمنا المساحة على سعر البيع الإجمالي للمشروع؛ وجدنا أن تكلفة المتر المربع لمشروع تسليم مفتاح 4500 ريال/ متر مربع شاملة الأرض والمبنى فقط.

هذا السعر لفيلا بنى بها قبو 20٪ من مساحة الأرض الإجمالية، و20٪ من مساحة السطح الإجمالية، ولا تحتوي على مكيفات ودواليب مطبخ وملابس، وبدون أثاث؛ وقد كان هذا السعر قبل البدء في عمليات الترميم والتعديلات.

تحدى الإقناع بجدوى البناء

وبعد أن كتبنا ملاحظاتنا الفنية له سألناه:هل تريد أن نقوم بتصميم وتنفيذ مشروع يناسب احتياجاتك الوظيفية والمالية، ومكتمل بجميع أثاثه واكسسواراته، وبسعر أقل من سعر شرائك لهذا المشروع؟ فكان السؤال مفاجئا له، وغير مقنع في بداية الأمر، وبعد أن شرحنا له كامل التفاصيل، بدا الأمر كأنه تحدٍ لنا لصعوبة تحقيق ما ذكرناه. وبالفعل قبلنا التحدي، ويسر الله لنا شراء أرض مطابقة المساحة والأبعاد والتوجيه، في نفس البلوك، تبعد عن المشروع الذي رغب بشرائه بأرضين فقط.

انتهى المشروع، ولله الحمد، بكامل تفاصيله؛ ليطابق كامل احتياجاته الوظيفية والمالية، وببناء 100٪ من القبو، و50٪ من دور السطح، بكامل نظمه الميكانيكية من مصعد ومكيفات، وبجميع تفاصيل الأثاث من دواليب مطبخ وملابس، وغرف نوم، ومجالس وصالات، وفراغات ترفيه، وأثاث مسبح، وجميع إكسسوارات المشروع؛ لتصل تكلفة المتر الإجمالية إلى 4000 ريال/ متر مربع فقط شاملة الأرض والمبنى، بجميع تركيباته الميكانيكية والترفيهية، وجميع قطع الأثاث والإكسسوارات.

ليس المقصود من القصة أن أقودكم إلى البناء، ولكن في كثير من الأحيان يكون البناء، وتحت شروط معينه، أفضل بكثير، وأوفر من الشراء.

الشراء فقط لمن لا يملك الوقت

يفضل الشراء فقط لمن لا يملك الوقت، لينتظر بناء المشروع، على شرط أن يكون المطور للمشروع قد وثق جميع مراحل بناء المشروع، وقدم للمشتري تقارير البناء، من فحص للتربة والخرسانة؛ وصور لمطابقة المخططات؛ والتزامه بنظم البناء الصحيحة، والمعترف بها، مع تسليمه لكامل مخططات المشروع كما هي بعد البناء، وتقديم جميع فواتير الشراء، والضمانات المطابقة بما ينص عليه النظام في المملكة.

وإذا لم يتوفر الشرط بالأعلى فغالبًا ما يكون البناء أفضل لك من الشراء؛ وذلك من ناحية إمكانية بناء مشروعك؛ ليطابق احتياجاتك الوظيفية، وإمكانياتك المالية، ولكن وجب التنويه أن رحلة البناء لن تكون رحلة آمنة وممتعة، ومطابقة للتوقعات، أو أفضل، إلا بشرط واحد فقط، وهو أن تجد المكتب الهندسي المتمكن من تقديم سلسلة الخدمات لك على الوجه المطلوب، والمطابق للاشتراطات والنظم، أما أن تبني بذاتك دون وجود خبرة ومعرفة متناهية في البناء، فاعلم أن ذلك الخيار هو الخيار الأسوأ الذي ستتخذه؛ لكي يلاحقك ما حييت، لأن مشروع بناء السكن مشروعًا مهمًا، وليس مشروعًا ترفيهًيا.

توجهات جديدة تقود العصر

تغيرت التوجهات عبر الزمن، فبداية أن تشتري أفضل من أن تبني لمن لا يملك السيولة الكافية أو الوقت، ثم دخلنا عصر بيوت الكراتين فأصبح البناء أفضل من الشراء، والآن يقود العصر توجهات جديدة، ويبدو لي أن القادم سيضيق الخناق على البناء الذاتي وسيبقى الخيار الوحيد هو الشراء؛ ولكن بفضل الله أولًا، ثم بفضل برنامج وافي المقدم من وزارة الإسكان (برنامج البيع على الخارطة) أصبح خيارًا متاحًا أيضا لمن لا يملكون السيولة الكافية للبناء من الوهلة الأولى؛ مما يتيح فرصة تملك المسكن الذي طال انتظاره؛ ليطابق احتياجاتك الوظيفية، وإمكانياتك المالية.

من وجهة نظرك أيهماأفضل الشراء أم البناء؟

*معماري وعضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود