السجل العقاري ركيزة النهضة العقارية الحديثة
محمد الحصامي
كشفت رؤية المملكة 2030 والاجراءات اللاحقة لها عن حاجة القطاع العقاري لمزيد من التنظيم، سواء على مستوى الأنظمة واللوائح، أو على مستوى الإجراءات الإدارية والفنية، وحتى على مستوى الميدان والأداء، فالتنظيم العقاري عانى سابقًا من وجود نُظم توثيق عقار متعددة معمول بها في المملكة حينئذٍ، والاعتماد شبه الأساسي على صكوك الملكية، وهي بحد ذاتها غير كافية للإحاطة بوضع العقار النظامي.
اتخذت الهيئة العامة للعقار خطوة قوية باستحداث السجل العقاري، وأصبحت المملكة لأول مرة في تاريخها مقبلة على تنظيم شامل للعقارات من خلال تعيين مرجعية واحدة للعقارات، وتخصيص سجل مستقل لكل عقار يحمل رقم هوية خاص به، ويحتوي على جميع الوثائق والمستندات التي تبين أوصاف العقار وموقعه وحدوده وحالته المادية والقانونية، وجميع التصرفات التي طرأت عليه وما يتبعه من حقوق والتزامات.
ليس تخصيص ملف شامل ذو هوية فريدة لكل عقار هو الفائدة الأكبر من السجل العقاري، بل أكثر ما تتجلى أهميته في فوائده الاقتصادية والقانونية والاجتماعية، فالسجل بعد اكتماله سيسهم في تحقيق الركائز الأربع للاستراتيجية الشاملة للقطاع العقاري التي اعتمدها مجلس الوزراء، وهو ما سيكون محفزًا لانتعاش السوق العقاري من خلال رفع كفاءته وحوكمته وضمان استدامته وحيويته وجذب الاستثمارات وتحقيق التنمية.
كما سيؤدي السجل دورًا في إثبات حقوق ملكية العقار، مما يؤدي إلى التقليل من النزاعات العقارية أمام القضاء والحد من جرائم الاحتيال والنصب، وذلك بسبب اكتساب السجل للحجية القطعية في الاثبات، فلا يقبل الطعن به الا بسبب خطأ كتابي أو تزوير.
وسيفيد السجل في فهم التغيرات في دي دنامكيات الإسكان، والتي لها دور كبير في التخطيط العمراني وحوكمة المدن، مما يساعد المسؤولين في عمليات صنع القرار.
إن مهمة هيئة العقار في إنجاح السجل العقاري ليست مهمة سهلة؛ فهي ستستهدف تسجيل ثمانية مليون عقار، وستستخدم أدوات وتقنيات حديثة تحتاج إلى مهارات وخبرات كبيرة، وستقوم بأعمال المسح والمعاينة الميدانية ومعالجة بيانات الصكوك، ولن يكتب لهذه المهمة النجاح وتحقيق أهدافها مهما بُذلت من جهود دون وعي وتفهم ودعم ومساندة وتعاون من ملاك العقارات.