شهدت العاصمة السعودية الرياض فعاليات “ملتقى الإعلام العقاري” الذي نظمته الهيئة العامة للعقار تحت رعايتها، وذلك بهدف تعزيز التكامل بين القطاعين العقاري والإعلامي، ونشر الوعي بأهمية تنظيم السوق العقاري ودوره في تحقيق التنمية المستدامة.
وشهد الملتقى، الذي عقد على مدار يوم واحد، حضورًا لفيفًا من كبار المسؤولين في الهيئة العامة للعقار، وخبراء الإعلام العقاري، ونخبة من الصحفيين والكتاب المتخصصين في الشأن العقاري، إلى جانب ممثلين عن القطاعين العام والخاص.
إطلاق الهوية البصرية الجديدة للهيئة العامة للعقار
في مستهل الملتقى، تم إطلاق الهوية البصرية الجديدة للهيئة العامة للعقار، والتي تعكس التزامها بتحقيق رسالتها في تنظيم وتطوير السوق العقاري السعودي وتعزيز كفاءته وفعاليته.
أكد سعادة الأستاذ تيسير المفرج، المتحدث باسم الهيئة العامة للعقار، في كلمته الافتتاحية، على أهمية دور الإعلام في تسليط الضوء على جهود الهيئة وخططها الاستراتيجية الهادفة إلى تنظيم السوق العقاري وتحقيق الاستقرار فيه، مشيرًا إلى أن خارطة طريق الهيئة تقوم على أربعة أركان أساسية: الحوكمة، والاستدامة، والإشراف على السوق وفعاليته، وخدمة الشركاء.
أشار المهندس عبد الله بن سعود الحماد، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للعقار، إلى أن الإعلام والعقار يسيران جنبًا إلى جنب في رحلة تحقيق الآفاق المستقبلية، منوهًا بدور الإعلام في توثيق وإظهار الإنجازات والقصص والمجهودات التي يقف عليها السعوديون.
وأكد الحماد على أن الصناعة الإعلامية هي محرك ومؤثر مباشر في اقتصادات العالم، وأن الإعلام العقاري هو إعلام اقتصادي متخصص يستهدف تنظيم وحوكمة القطاع وبيان الفرص الاستثمارية، ويبعث رسالة واضحة بأن القطاع العقاري السعودي قطاع محكوم وجاذب.
الجلسة الأولى: دور الإعلام في صناعة العقار
في الجلسة الأولى، ناقش عبدالوهاب الفايز، رئيس تحرير جريدة الاقتصادية سابقًا، تأثير الإعلام على تطوير وتشكيل السوق العقاري. وأوضح أن الهيئة العامة للعقار ساهمت في رفع الموثوقية في القطاع وزيادة الشفافية، مشيرًا إلى أهمية وجود إعلامي محترف يُحسن صناعة المحتوى الإعلامي.
من جهته، أكد خالد الربيش، رئيس تحرير جريدة الرياض، على ضرورة تعزيز الشراكة المجتمعية لتغيير الصورة النمطية عن المجال العقاري والنهوض بجودة القطاع.
بينما أشار مطلق البقمي، رئيس تحرير صحيفة مال، إلى أن تراجع القطاع العقاري في الماضي كان بسبب تجنب العقاريين الظهور الإعلامي، مؤكدًا أن التحالف الحالي بين العاملين في العقار والإعلام بدأ يعيد الثقة للقطاع.
أما محمد البيشي، رئيس تحرير صحيفة الاقتصادية، أوضح أن الإعلام العقاري يرتبط بمفاصل اقتصادية مهمة، مؤكدًا أن الشفافية وتوافر المعلومات يسهمان في الحد من الشائعات وتحسين جودة المحتوى الإعلامي في القطاع.
الجلسة الثانية: الاستشارات والتحليلات العقارية عبر وسائل الإعلام
وفي الجلسة الثانية، تحدث سعود السليماني عن أهمية البيانات في اتخاذ القرارات العقارية، مشيرًا إلى دور الوسيط العقاري في التحقق من المصادر واستخدام البيانات بشكل صحيح لتقديم معلومات دقيقة.
فيما قدمت عبير حمدان مثالًا عن أهمية جمع البيانات بشكل دقيق، حيث ساعدت البيانات في تقديم استشارة فعالة لأحد الموظفين بخصوص فسخ عقد التمويل، مما يؤكد دور البيانات في تقديم حلول واقعية ومفيدة للعملاء.
تحليل البيانات العقارية.. أهمية الدقة في اتخاذ القرارات
تحدث أ. خالد المبيض عن أهمية تحليل البيانات العقارية، مستشهدًا بحالة حدثت قبل سنوات عندما أعلنت وزارة الإسكان عبر وزيرها عن الحاجة إلى بناء أكثر من مليون ونصف وحدة سكنية لتلبية الطلب من محدودي الدخل، كجزء من خطة الوزارة المستقبلية. وبعد ستة أشهر، أعلنت هيئة الإحصاء عن وجود عدد ضخم وقدره مليون ونصف وحدة سكنية شاغرة في المملكة، مما أثار استغراب واستهجان بعض المهتمين بالسوق العقاري.
تسبب هذا التضارب في المعلومات في تشكيك الاقتصاديين بقدرات الوزارة، بل واتهم البعض بأن تلك الوحدات السكنية الشاغرة كانت جزءًا من مؤامرة احتكارية يمارسها تجار العقار لرفع الأسعار. هنا برزت أهمية تحليل البيانات، حيث تبين أن 75% من تلك الوحدات الشاغرة كانت وحدات موسمية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، مخصصة للإيواء الموسمي خلال الحج والعمرة، وليست صالحة للسكن الدائم. كما كانت هناك نسبة أخرى من الوحدات الشاغرة في القرى التي تركها أهلها مؤقتًا للعمل في المدن.
أوضح التحليل أن مندوب هيئة الإحصاء وثق تلك الوحدات كـ”شاغرة” دون توثيق نوع وطبيعة هذا الشاغر. وبذلك، أسهم تحليل البيانات في توضيح الإشكال الناتج عن تضارب المعلومات المختلفة الواردة من جهات رسمية، وأثبت أن بدون مختصين لتحليلها لا يمكن بناء توصيات صحيحة.
فيما يخص آلية تسعير المنتجات العقارية، أشار المبيض إلى أن التسعير يعتمد عادة على مرتكزين أساسيين: تكلفة الوحدة مضاف لها أرباح المطور، وسعر المثل لنفس الوحدة في السوق. ومع ذلك، يتجه بعض الوسطاء إلى التسعير بناءً على رغبة الملاك دون القيام بمقارنة العرض بالمثل من العروض الأخرى، مما يؤدي إلى تعديل سعر العرض لاحقًا ليواكب السوق.
بينما أكد أحمد الشهيل أن دور الإعلام هو طرح البيانات، بينما يقوم العقاري بتحليلها، مشيرًا إلى أهمية البيانات المفتوحة والمتداولة في تعزيز الشفافية والوضوح في السوق العقاري.
في حين اختتم بندر المعارك الجلسة بتأكيده على تطور السوق العقاري من سوق مضاربات إلى سوق يعتمد على التطوير العقاري وتصميم المنتجات بشكل منافس. وأشار إلى أهمية البيانات العقارية المتاحة منذ عام 1430، والتي تساعد جميع العاملين في القطاع العقاري في اتخاذ قرارات مستنيرة.
وأكد ملتقى الإعلام العقاري في ختام جلسته على أهمية التعاون بين الإعلام والعقار لتعزيز الشفافية والحوكمة في القطاع، وتحقيق نمو مستدام وتنمية اقتصادية شاملة.