يشهد القطاع العقاري وقطاع البناء والتشييد في المملكة العربية السعودية نمواً ملحوظاً، مدفوعاً برؤية 2030 التي تسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة وتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. ومع ذلك، تظل هناك تحديات وعقبات تؤثر على هذا القطاع الحيوي وتعيق تحقيق أهدافه الطموحة. من ارتفاع أسعار الفائدة إلى تقلبات أسعار الأراضي والشقق، مروراً بمخاوف التعثر المالي، يواجه القطاع مجموعة معقدة من القضايا التي تتطلب حلولاً مبتكرة وتعاوناً بين القطاعين العام والخاص والتي نستعرضها في السطور التالية.
-
ارتفاع أسعار الفائدة
تعد أسعار الفائدة من أهم العوامل المؤثرة في القطاع العقاري. في السنوات الأخيرة، شهدت المملكة ارتفاعاً في أسعار الفائدة حتى بلغت 6%، مما أثر سلباً على قدرة الأفراد والشركات على الاقتراض لتمويل شراء العقارات أو الاستثمار في مشاريع البناء. عندما ترتفع أسعار الفائدة، تصبح تكلفة التمويل أكبر، مما يؤدي إلى تقليل الطلب على العقارات ويضعف حركة السوق. كما أن ارتفاع الفائدة يجعل العقارات أقل جاذبية للمستثمرين، الذين قد يبحثون عن بدائل استثمارية أخرى تحقق عوائد أفضل.
-
مخاوف التعثر المالي
مع تزايد الاعتماد على التمويل العقاري لشراء العقارات وتمويل مشاريع البناء، تتزايد مخاوف التعثر المالي بين الأفراد والشركات على حد سواء. يتعرض العديد من المستثمرين العقاريين لضغوط مالية نتيجة الالتزامات الكبيرة تجاه البنوك، ومع التباطؤ الاقتصادي المحتمل أو تقلبات السوق، تزداد احتمالية عدم القدرة على سداد القروض. هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى زيادة في حالات التعثر، وبالتالي إلى زيادة في المخاطر المرتبطة بالاستثمار في القطاع العقاري.
-
ارتفاع أسعار الأراضي
يعتبر ارتفاع أسعار الأراضي والشقق السكنية من أكبر التحديات التي يواجهها القطاع العقاري في السعودية، جيث أظهرت نشرة مؤشر الرقم القياسي العام لأسعار العقارات التي تصدرها الهيئة العامة للإحصاء، عن ارتفاع بنسبة 1.7٪ في الربع الثاني من عام 2024م مقارنةً بالربع نفسه من العام الماضي ويُعزى هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار العقارات السكنية بنسبة 2.8٪.
وأفادت نتائج النشرة عن ارتفاع أسعار الأراضي السكنية بنسبة 2.8٪، وذلك على أساس سنوي نظراً لثقل القطاع السكني المؤثر الأكبر في ارتفاع أسعار العقارات في الربع الثاني عام 2024م مقارنة بالربع الثاني من عام 2023م، كما سجل القطاع السكني ارتفاعًا بنسبة 2.8٪ في الربع الثاني من عام 2024م , فيما سجلت أسعار العمائر السكنية ارتفاعاً بنسبة 0.1٪ وأسعار الفلل بنسبة 0.5٪ وأسعار البيوت بنسبة 1.4 ٪ في حين ارتفعت أسعار الشقق بنسبة 2.9٪.
وتشهد المدن الكبرى مثل الرياض وجدة ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار الأراضي، مما يجعلها غير متاحة للكثير من الأفراد والشركات الصغيرة. ويعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل، منها الزيادة في الطلب مقابل العرض المحدود، إلى جانب التكاليف العالية المرتبطة بتطوير الأراضي والبنية التحتية. يؤثر ارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين ويزيد من صعوبة الحصول على سكن مناسب بأسعار معقولة، مما يعزز من تحديات السوق العقارية.
-
تكاليف البناء والتشييد المتزايدة
يواجه قطاع البناء والتشييد في المملكة تحديات كبيرة بسبب التكاليف المتزايدة للمواد الخام والعمالة. مع الارتفاع المستمر في أسعار الحديد والإسمنت والمواد الأساسية الأخرى، تتزايد تكاليف البناء بشكل ملحوظ. هذا الارتفاع في التكاليف لا يؤثر فقط على المستثمرين والمطورين، بل ينعكس أيضاً على أسعار العقارات النهائية، مما يزيد من العبء المالي على المشترين. كما أن نقص العمالة الماهرة يزيد من تحديات قطاع البناء، حيث يضطر المقاولون إلى دفع أجور أعلى للعمالة المدربة، مما يزيد من تكاليف المشاريع.
-
تأثير التغيرات الاقتصادية على القطاع
يتأثر القطاع العقاري في السعودية بشكل كبير بالتغيرات الاقتصادية العالمية والمحلية. تقلبات أسعار النفط، التي تعتبر عاملًا اقتصاديًا مهمًا في المملكة، تؤثر على الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية والإسكان. في فترات انخفاض أسعار النفط، قد يتباطأ نمو القطاع العقاري بسبب تقليص النفقات العامة وتأجيل بعض المشاريع الكبرى. كما أن التغيرات في السياسات الاقتصادية والضرائب يمكن أن تؤثر على السوق العقارية، مما يضيف طبقة أخرى من التحديات التي يجب على المستثمرين مواجهتها.
-
التوجه نحو الاستدامة والتحديات البيئية
مع زيادة الوعي بأهمية الاستدامة البيئية، يواجه قطاع البناء تحديات إضافية تتعلق بالامتثال للمعايير البيئية. تتطلب مشاريع البناء الحديثة استخدام مواد وتقنيات صديقة للبيئة، مما يزيد من تكاليف البناء. كما أن هناك حاجة ملحة لتطوير بنية تحتية مستدامة تتوافق مع رؤية المملكة 2030، وهو ما يتطلب جهودًا إضافية من قبل المطورين والمستثمرين لضمان تلبية هذه المعايير.
-
نقص البيانات والمعلومات الموثوقة
من التحديات الأخرى التي تواجه القطاع العقاري في السعودية هو نقص البيانات والمعلومات الموثوقة حول السوق. على الرغم من التقدم الكبير في مجال التكنولوجيا والتحول الرقمي، لا يزال المستثمرون والمطورون يواجهون صعوبة في الحصول على بيانات دقيقة حول اتجاهات السوق والأسعار والعرض والطلب. هذا النقص في المعلومات يمكن أن يؤدي إلى قرارات استثمارية غير مدروسة ويزيد من مخاطر الفشل في السوق.
-
المنافسة الشديدة في السوق
مع دخول عدد كبير من الشركات المحلية والدولية إلى السوق العقارية في المملكة، تزداد المنافسة بشكل كبير. هذه المنافسة قد تكون مفيدة من حيث تحسين جودة المنتجات والخدمات، ولكنها تفرض أيضًا ضغوطًا كبيرة على الشركات الأصغر حجمًا التي تجد صعوبة في المنافسة مع اللاعبين الكبار. المنافسة الشديدة يمكن أن تؤدي إلى تقليص هوامش الربح وتزيد من تحديات الاستمرارية في السوق.