ما هي أسباب ارتفاع أسعار الإيجارات السكنية في المملكة؟

تسليم الوحدات السكنية في الشركة الوطنية للإسكان

تشهد المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الإيجارات السكنية، وهو ما أصبح يشكل تحديًا للعديد من الأسر والمقيمين في مختلف مناطق المملكة. تتعدد أسباب هذا الارتفاع وتتنوع ما بين عوامل اقتصادية، ديموغرافية، وسياسات حكومية. وسأقدم في هذا التقرير تحليلاً لهذه الأسباب مع الاستعانة ببيانات وأرقام صادرة عن هيئة الإحصاء السعودية.

أسباب ارتفاع أسعار الإيجارات السكنية

  1. زيادة الطلب على المساكن
    • تشهد المملكة نموًا سكانيًا مستمرًا بسبب زيادة عدد السكان المحليين والمقيمين. هذا النمو أدى إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية، خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض، جدة، والدمام.
    • وفقًا لبيانات هيئة الإحصاء السعودية، شهدت المدن الرئيسية زيادة في عدد الأسر، وهو ما أدى إلى زيادة الطلب على المساكن وارتفاع أسعار الإيجارات.
  2. مشاريع البنية التحتية والتطوير العقاري
    • تشهد المملكة حاليًا تنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل مشروع نيوم والقدية ومشاريع الإسكان الضخمة التي تهدف إلى تحسين جودة الحياة. هذه المشاريع جذبت عددًا كبيرًا من العمالة الوافدة وأسرهم، مما أدى إلى ارتفاع الطلب على الإيجارات السكنية في المناطق القريبة من هذه المشاريع.
    • بالإضافة إلى ذلك، قامت الحكومة بتطوير مناطق جديدة وتحسين المرافق والخدمات في المدن القائمة، مما أدى إلى زيادة أسعار الأراضي والعقارات وبالتالي ارتفاع أسعار الإيجارات.
  3. ارتفاع تكاليف البناء

    • ساهم ارتفاع تكاليف مواد البناء والأراضي في زيادة تكاليف تطوير الوحدات السكنية الجديدة، وهو ما انعكس بدوره على أسعار الإيجارات.
    • وفقًا لبيانات هيئة الإحصاء السعودية، شهدت أسعار مواد البناء زيادات ملحوظة في السنوات الأخيرة، مما زاد من تكلفة إنشاء الوحدات السكنية الجديدة.
  4. التحولات الاقتصادية والسياسات الحكومية
    • تسعى المملكة لتحقيق رؤية 2030، والتي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيدًا عن النفط. هذا التحول أدى إلى جذب استثمارات كبيرة في قطاع العقارات، مما ساهم في ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات وبالتالي الإيجارات.
    • كما أن فرض رسوم إضافية على العمالة الوافدة وتطبيق ضريبة القيمة المضافة على الخدمات العقارية ساهم في زيادة تكاليف الإيجارات على المقيمين.

شكاوى من ارتفاع أسعار الإيجارات 

اشتكى عدد من المستأجرين من ارتفاع أسعار الإيجارات في مدينة الرياض، معربين عن مخاوفهم من الاستمرار في الزيادة، وذلك وفقا لتقرير نشرته قناة العربية. وبحسب “العربية” لا تزال تسجل مدينة الرياض، ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار إيجارات الشقق والمساكن، وسط مخاوف من استمرارها على ذلك النحو خلال الفترة المقبلة.

قال أحد المستأجرين، خلال لقائه المذاع على قناة العربية، إن الإيجارات الحالية مرتفعة مقارنة بالعام الماضي وتتفاوت من منطقة لأخرى. وأضاف، أن أغلب حجج ملاك العقارات لرفع أسعار القيم الإيجارية غير مبررة، مشيرا إلى أن البعض يربط بين رفع السعر وبناء مجموعة مشاريع قريبة أو مقارنة ببقية المؤجرين.

وقال آخر إنه يتم التأجير على حسب السوق، موضحًا أن الإيجارات ترتفع في شمال المملكة خاصة، مع زيادة السكان، وارتفاع معدل الطلب على الإيجارات.

بينما قالت إحدى المستأجرات، إن الإيجارات ارتفعت مقارنة بالعامين الماضيين، فيما عزا أحد الملاك تلك الزيادة إلى زيادة السكان والشركات وزيادة معدل الطلب على الإيجارات.

بدوره، قال عمر العولقي الرئيس التنفيذي لشركة ساتل العقارية إن هناك 3 عوامل رئيسية لارتفاع الإيجارات هي دخول كبير لفئات المستأجرين من خارج المملكة، وقيام شركات وملاك بتطوير مشاريعهم وخدماتها، فضلًا عن ارتفاع القيمة الإيجارية العشوائية في السوق.

بيانات هيئة الإحصاء السعودية حول أسعار الإيجارات

كشفت الهيئة العامة للإحصاء عن أن أسعار الإيجارات الفعلية للمساكن سجلت ارتفاعًا بنسبة 11.1% خلال شهر يوليو الماضي. وجاء هذا الارتفاع مدفوعًا بزيادة أسعار إيجارات الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.0%.

وأشارت الهيئة في نشرتها الشهرية عن مؤشر أسعار المستهلكين، إلى أن هذه الزيادة في الإيجارات كان لها تأثير كبير على استمرار وتيرة التضخم، نظرًا للوزن الكبير الذي تشكله مجموعة السكن في سلة الاستهلاك والذي يبلغ 21.0%.

كما أظهر التقرير أن ارتفاع أسعار الإيجارات يعود أيضًا إلى زيادة الطلب على الوحدات السكنية في المناطق الحضرية والضواحي، خاصة مع توجه الكثير من الأسر للعيش في مناطق أكثر تطورًا وراحة.

توقعات المستقبل

من المتوقع أن تستمر أسعار الإيجارات في الارتفاع على المدى القصير، خاصة مع استمرار تنفيذ المشاريع الكبرى وتزايد الطلب على المساكن. ومع ذلك، قد تؤدي السياسات الحكومية الهادفة إلى زيادة العرض من الوحدات السكنية إلى استقرار الأسعار على المدى الطويل.

ختامًا، يعد ارتفاع أسعار الإيجارات في المملكة العربية السعودية نتيجة لتعدد العوامل الاقتصادية والسياسات الحكومية المتبعة، وهو ما يتطلب من الجهات المعنية اتخاذ إجراءات لزيادة العرض وتوفير حلول سكنية بأسعار معقولة للأسر والمقيمين.

Exit mobile version