البناء المستدام.. ماذا تعرف عن سوق بحجم 425 مليار دولار بحلول 2026؟

البناء المستدام.. ماذا تعرف عن سوق بحجم 425 مليار دولار بحلول 2026؟

مع تزايد التحديات البيئية وتغير المناخ، أصبح البناء المستدام ضرورة ملحة وليس مجرد خيارًا. يُعتبر البناء المستدام منهجية متكاملة تهدف إلى تقليل الآثار السلبية للمباني على البيئة وتحسين الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمعات. يشمل هذا المفهوم استخدام مواد صديقة للبيئة، توفير الطاقة والمياه، تحسين جودة الهواء الداخلي، وتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية.

مزايا البناء المستدام

البناء المستدام يقدم العديد من المزايا التي تجعله الخيار الأمثل لمستقبل العمارة.

1. الحفاظ على البيئة:
يُعتبر تقليل الآثار البيئية السلبية من أهم مزايا البناء المستدام. يتم ذلك من خلال استخدام مواد بناء قابلة للتدوير، وتقنيات توفير الطاقة والمياه، والحد من انبعاثات الكربون. المباني المستدامة تساهم بشكل كبير في تقليل استهلاك الموارد الطبيعية غير المتجددة، وبالتالي الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.

2. التوفير الاقتصادي:
على الرغم من أن تكاليف البناء المستدام قد تكون أعلى في البداية مقارنة بالبناء التقليدي، إلا أن العوائد الاقتصادية على المدى الطويل تعتبر هائلة. المباني المستدامة تستهلك طاقة أقل، مما يقلل من فواتير الكهرباء والمياه. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه المباني تتطلب صيانة أقل بفضل جودة المواد والتقنيات المستخدمة.

3. تحسين جودة الحياة:
المباني المستدامة توفر بيئة معيشية أفضل. فهي تُصمم لتعزيز جودة الهواء الداخلي، توفير إضاءة طبيعية، والحد من الضوضاء، مما يساهم في تحسين الصحة والرفاهية للسكان. الدراسات تظهر أن البيئات المستدامة تعزز الإنتاجية وتقلل من معدلات الإجهاد بين المستخدمين.

4. الامتثال للمعايير الدولية:
في ظل التحولات العالمية نحو الاستدامة، يُعتبر الامتثال لمعايير البناء المستدام ميزة تنافسية في السوق. الشركات التي تتبنى مبادئ الاستدامة في مشاريعها تتمتع بسمعة أفضل وتكتسب ثقة العملاء، مما يعزز من قيمة العقارات ويجعلها أكثر جذباً للمستثمرين.

حجم سوق البناء المستدام عالميًا وعربيًا

سوق البناء المستدام شهد نموًا هائلًا على مدى السنوات القليلة الماضية. وفقًا لتقرير صادر عن شركة Allied Market Research، من المتوقع أن يصل حجم سوق البناء المستدام العالمي إلى نحو 425 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2026، بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 10.3% من عام 2019 إلى 2026.

الزيادة في التشريعات الحكومية الداعمة للبناء المستدام، والطلب المتزايد على المباني الصديقة للبيئة، ووعي المستهلكين المتنامي حول أهمية الاستدامة، كلها عوامل تساهم في هذا النمو الملحوظ.

وفي الوطن العربي، بدأ الاهتمام بالبناء المستدام يزداد تدريجياً، خاصة في دول الخليج العربي مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وقطر. هذه الدول أطلقت مبادرات وبرامج تهدف إلى تعزيز البناء المستدام بما يتماشى مع رؤى التنمية الوطنية، مثل رؤية السعودية 2030.

من جانبها، تطور المملكة العربية السعودية، بنشاط مشاريع الإسكان والبنية التحتية باستخدام مبادئ الاستدامة، خاصة في مشاريع مثل “نيوم” و”القدية”.
وفي الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، يتطلب “نظام دبي للمباني الخضراء” الامتثال لمعايير الاستدامة في جميع المشاريع الجديدة.

طرق استخدامات البناء المستدام

البناء المستدام يمكن تنفيذه بطرق متعددة تغطي جميع مراحل دورة حياة المبنى، بدءًا من التصميم وصولًا إلى التشغيل وإعادة التدوير.

1. التصميم المستدام:
التصميم المستدام يركز على استخدام الموارد بشكل فعال منذ بداية المشروع. يشمل ذلك اختيار مواقع البناء بعناية لتجنب التأثير السلبي على البيئة، واستخدام التصميمات المعمارية التي تستفيد من الإضاءة الطبيعية والتهوية الطبيعية لتقليل استهلاك الطاقة.

2. استخدام مواد البناء المستدامة:
اختيار المواد المستدامة هو خطوة أساسية في البناء المستدام. تشمل هذه المواد تلك القابلة لإعادة التدوير، مثل الخشب المعتمد من الغابات المستدامة، والخرسانة المعاد تدويرها، والمواد التي تمتاز بانخفاض الانبعاثات الكربونية. بالإضافة إلى ذلك، يُفضل استخدام مواد البناء المحلية لتقليل الأثر البيئي الناتج عن النقل.

3. تقنيات توفير الطاقة:
استخدام تقنيات متقدمة لتوفير الطاقة يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من البناء المستدام. يشمل ذلك تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، استخدام الزجاج العازل، أنظمة العزل الحراري المتقدمة، والإضاءة بتقنية LED. المباني المستدامة غالبًا ما تكون مصممة لتكون قادرة على توليد الطاقة التي تستهلكها (مباني صفرية الطاقة).

4. إدارة المياه:
توفير المياه هو عنصر أساسي في البناء المستدام. يتم تحقيق ذلك من خلال استخدام تركيبات صحية منخفضة التدفق، أنظمة حصاد مياه الأمطار، وتقنيات إعادة استخدام المياه الرمادية. هذه الممارسات تساعد في تقليل استهلاك المياه بنسبة كبيرة، مما يساهم في الحفاظ على الموارد المائية.

5. تحسين جودة الهواء الداخلي:
المباني المستدامة تهتم بشكل كبير بجودة الهواء الداخلي، وهو ما يتم تحقيقه من خلال استخدام مواد خالية من المركبات العضوية المتطايرة (VOCs)، وتصميم أنظمة تهوية متقدمة تضمن تدفق الهواء النقي إلى داخل المبنى. هذا يساعد في تقليل الأمراض المرتبطة بجودة الهواء السيئة ويعزز من صحة السكان.

 

 

Exit mobile version