أنجز برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة في المرحلة الأولى من المخطط العام, عددًا من الأهداف الإستراتيجية للمشروع، التي تشمل تنمية المجال المعيشي في المنطقة لتكون مركزًا جاذبًا للأعمال وللمشاريع الثقافية، ومقصدًا رئيسًا لروّاد الأعمال، واستثمار مواقعها التراثية وعناصرها الثقافية والعمرانية الفريدة لبناء مجال حيوي للعيش تتوفر فيه مُمكّنات الإبداع، إلى جانب استثمار التاريخ والعناصر الثقافية والعمرانية في المنطقة، وتحويلها إلى روافد اقتصادية، وخلق بيئة متكاملة تتوفر فيها مقوّمات طبيعية متعددة تشمل واجهات بحرية، ومساحات خضراء وحدائق مفتوحة، إضافة إلى إبراز المَعالم التراثية التي تحفل بها المنطقة، وذلك بوصفها موقعًا تاريخيًا لا مثيل له في المملكة.
إنقاذ 233 مبنى تراثيًا
وفي إطار جهود الحفاظ على التراث العمراني بالمنطقة، اكتمل تدعيم وإنقاذ 233 مبنى تراثيًا يحمل عناصر معمارية وتراثية ثرية كانت آيلة للسقوط، كما تم إنجاز 89 دراسة بصفتها مرحلة أولى لتخطيط أعمال ترميم المباني، وكذلك انتهى ترميم 58 مبنى، إضافة إلى تجهيز وإعادة تأهيل 35 مبنى تراثيًا, كما انتهى البرنامج من ترميم برحة بيت جوخدار وبرحة بيت البلد التاريخيتين، سعيًا إلى الحفاظ على القيم المعمارية والتاريخية للمنطقة.
ويأتي ذلك منذ إطلاق صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – في العام 2021م لمشروع “إعادة إحياء جدة التاريخية”، ضمن برنامج جدة التاريخية التابع لوزارة الثقافة، الذي كشف عن رؤية تنموية شاملة للمنطقة، تتطلع إلى جعلها وجهة تراثية عالمية تماشيًا مع رؤية المملكة 2030.
وضمن مشروع التنقيب عن الآثار الذي يشرف عليه البرنامج، تم الإعلان عن العثور على أكثر من 25 ألفًا من بقايا مواد أثرية، يعود تاريخ أقدمها إلى الفترة الإسلامية المبكرة، وهو ما أكد على العمق الحضاري والتاريخي للمنطقة.
وشملت المكتشفات الأثرية التي تم التنقيب عنها في 4 مواقع بالمنطقة 11405 قطع خزفية، و 1730 مادة صدفية، و 685 مادة بناء، و 191 مادة زجاجية، ومن أبرز هذه المكتشفات قطع خشبية على ساريتي مسجد عثمان بن عفان – رضي الله عنه – تعود إلى القرن الأول الهجري/السابع الميلادي.
معالجة التشوه البصري
وفي إطار تحسين المشهد الحضري للمنطقة، عمل برنامج جدة التاريخية على تحقيق هذا الهدف من خلال تجديد واجهات المباني، وصيانة الأرصفة، وإزالة مخلفات البناء، لرفع جودة البيئة الحضرية، وإثراء تجربة زوار المنطقة، حيث تم تنفيذ أعمال صيانة وتجميل شاملة في سوق الندى التاريخي وشارع الذهب، أحد الشوارع الرئيسية في جدة التاريخية، مما أسهم في إضفاء لمسة جمالية على المنطقة. وكذلك تم وضع مجسمات فنية عالمية في عدد من المواقع في حديقة بحيرة الأربعين، وتم تنسيق المساحات الخضراء الواسعة بطريقة احترافية ومميزة.
وفي نفس السياق، ولمعالجة التشوه البصري وإضافة لمسات جمالية في المنطقة، قام البرنامج بصيانة وتجميل 150 ألف متر مربع من الطرق، إضافة إلى زراعة 120 ألف متر مربع في مختلف المساحات العامة، وطلاء 140 مبنى لتحسين المنظر العام، إلى جانب إلى جانب توزيع إنارة معلقة على امتداد 3500 متر في عدد من المساحات العامة.
كما حرص برنامج جدة التاريخية على تطبيق أعلى معايير الاستدامة في مجال الأمن والسلامة في المنطقة، حيث يعمل 937 رجل أمن بكل كفاءة ومهنية لضمان سلامة الزوار والممتلكات، وهو ما أسهم في زيادة نسبة الاستجابة بنسبة 250% , إلى جانب توزيع 304 كاميرات مراقبة عالية الجودة في جميع أرجاء المنطقة، بما يضمن رصد أي حركة بشكل واضح وواف.
إقرار برنامج مشروع جدة التاريخية
وحرصًا من القيادة على العناية بمباني المنطقة ومعالمها ذات الدلالات التاريخية المهمة، صدر قرار مجلس الوزراء بتحويل إدارة جدة التاريخية التابعة لوزارة الثقافة إلى برنامج تحت مسمى “برنامج مشروع جدة التاريخية” في العام 2020, حيث يؤدي البرنامج دورًا شاملًا في الحفاظ على التراث الثقافي والمعماري للمنطقة وإعادة إحيائها، وذلك من خلال تنفيذ عدد من المشاريع في إطار المخطط العام لمشروع إعادة إحياء جدة التاريخية، والإشراف على تنفيذ أعمال تحسين البنية التحتية بالمنطقة، وترميم وإعادة تأهيل مبانيها، مما يسهم في إثراء تجربة الزوار وتعزيز المنطقة بصفتها وجهة سياحية مهمة.