غياب المصاعد الكهربائية: معاناة مستمرة لكبار السن والأطفال والمرضى
عماد العبد الرحمن
تشهد مدينة الرياض تطورا عمرانيا كبيرا، ولكن تظل بعض القضايا الأساسية المتعلقة بحقوق الإنسان مهملة، ومن أبرزها عدم توافر المصاعد الكهربائية في العديد من المباني السكنية، إذ يعاني كبار السن وذوو الإعاقة وحتى الأطفال الصغار الذين لا يستطيعون صعود السلم ويحتاجون إلى أن تحملهم أمهاتهم او آبائهم وهي فئة يبدو أن أصحاب العقار في الرياض عندما يقومون بتصميم المباني لا يضعون الأمر في اعتبارهم من صعوبة التنقل في هذه المباني، مما يحرمهم من أبسط حقوقهم: السكن اللائق والقدرة على زيارة الأقارب والأصدقاء، وتبدو هذه الظاهرة واضحة في بعض المباني شمال الرياض وشرقها وخاصة في المباني التي لا يزيد عدد أدوارها عن ثلاثة وفي المقابل نجد الأمر عكسه في مدينة جدة فهناك مهما كان عدد الأدوار تجد المصاعد الكهربائية مكون أساس في المباني سواء كانت سكنية أو مكاتب.
ويعتبر التنقل بين الطوابق في المباني بدون مصاعد مهمة شبه مستحيلة بالنسبة لكبار السن والمعوقين. ففي المباني متعددة الطوابق التي تفتقر للمصاعد، يواجه هؤلاء الأفراد تحديات جسدية خطيرة مثل الإجهاد، والإصابات المحتملة عند محاولة صعود السلالم. هذه المشكلة تؤدي إلى عزلة اجتماعية حيث يصبح من الصعب على كبار السن زيارة عائلاتهم وأصدقائهم أو حتى مغادرة منازلهم.
وإذا كنا نجمع أن السكن حق أساسي لكل إنسان، وهو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالكرامة والعدالة الاجتماعية؛ فإن عدم توفير بنية تحتية مناسبة، مثل المصاعد الكهربائية، يعكس تجاهلاً لحاجة أساسية من حاجات فئات معينة في المجتمع. في مدن متقدمة مثل الرياض، ينبغي أن يكون الوصول إلى المساكن ميسرًا للجميع بغض النظر عن القدرات البدنية.
إن عدم القدرة على التنقل بسهولة بين الطوابق لا يؤثر فقط على الصحة الجسدية، بل يؤثر أيضًا على الصحة النفسية، العزلة القسرية وعدم القدرة على التواصل مع الأقارب والمجتمع يولد شعورًا بالإحباط واليأس، ومن هنا تبرز أهمية تعديل المباني لتلبية احتياجات الجميع، بما يحقق التكافؤ والعدالة.
ولمعالجة هذه المشكلة المؤرقة والمزمنة لابد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات والحلول العاجلة للقضاء على المشكلة من الجذور، خاصة وأن الرياض 2024 ليست كما قبلها لاسيما أننا نتحدث عن العاصمة والتي تحظى باهتمام القيادة الرشيدة -حفظها الله مثلها مثل سائر مدن وطننا الغالي وللعلاج هناك مجموعة من الخطوات أهمها
- تحديث التشريعات العمرانية: يجب أن تتضمن تشريعات البناء في المملكة متطلبات إلزامية لتوفير المصاعد في جميع المباني متعددة الطوابق، خاصة في المباني السكنية.
- دعم مالكي العقارات: يمكن تشجيع أصحاب العقارات على إدخال التعديلات اللازمة عن طريق تقديم حوافز مالية أو تسهيلات لتمويل تركيب المصاعد.
- الاهتمام بالمباني القائمة: لا يقتصر الأمر على المباني الجديدة فقط، بل يجب العمل على تعديل المباني القديمة لتوفير وسائل نقل ملائمة لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن.
وفي الختام نقول: إن إهمال توفير المصاعد في المباني السكنية في الرياض يشكل إرهاقا لكبار السن وذوي الإعاقة والأمهات والمرضى في السكن والتنقل ونعتقد إن الوقت قد حان لتحرك الجهات المعنية بسرعة لتعديل البنية التحتية وضمان توفير بيئة سكنية مناسبة للجميع.
كاتب اقتصادي