في ظل ارتفاع الطلب غير المسبوق على المنازل في دبي، يشهد سوق العقارات السكنية ازدهارًا استثنائيًا، مدعومًا بزيادة الأسعار والمعاملات القياسية التي تسجَّل عامًا بعد عام. ورغم المخاطر العالمية والتحديات المحلية، تبدو الإمارة في طريقها لمزيد من النمو خلال السنوات المقبلة، مما يضع دبي في مقدمة المدن العالمية كوجهة استثمارية واعدة في القطاع العقاري.
ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار العقارات
تشهد أسعار المنازل في دبي زيادة سنوية بلغت 19.9% حتى الآن مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وفقًا لتقرير “مراجعة سوق العقارات السكنية” الصادر عن شركة “نايت فرانك”. وتتوقع الشركة أن ترتفع قيم العقارات السكنية بنسبة إضافية تصل إلى 8% خلال عام 2025، في ظل استمرار الطلب القوي الذي يدفع السوق نحو تسجيل المزيد من الأرقام القياسية.
عام استثنائي في المعاملات العقارية
بلغ عدد معاملات العقارات في دبي خلال الربع الثالث من 2024 نحو 47,269 معاملة، وهو أعلى رقم ربع سنوي تم تسجيله على الإطلاق، محققًا زيادة بنسبة 41.8% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبإجمالي 121,978 عملية بيع حتى نهاية سبتمبر 2024، تجاوز السوق إجمالي عدد معاملات عام 2023. كما بلغت قيمة الصفقات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري أكثر من 306.3 مليار درهم، بزيادة 36% مقارنة بالعام الماضي، مع تسجيل مبيعات قياسية بلغت 116.8 مليار درهم في الربع الثالث وحده.
نمو أسعار المنازل الفاخرة وتحديات الإمداد
أكد فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى نايت فرانك، أن ارتفاع أسعار المنازل يأتي نتيجة نقص المعروض وارتفاع الطلب، حيث انخفضت قوائم العقارات المعروضة للبيع بنسبة 30% على أساس سنوي. وأضاف أن السوق الرئيسي في دبي شهد زيادة في الأسعار بنسبة 4.3% خلال الربع الثالث، مع استمرار المنازل الفاخرة في تحقيق طلب قياسي تضاعف ثلاث مرات خلال الـ 18 شهرًا الماضية.
من المتوقع أن يشهد السوق نقصًا في عدد الفلل، حيث سيُسلّم فقط 8,900 فيلا جديدة بحلول نهاية 2024 و19,700 فيلا إضافية بحلول نهاية 2025. وتتوقع “نايت فرانك” أن تحتاج دبي إلى توفير ما بين 37,600 و87,700 منزل سنويًا لاستيعاب النمو السكاني المتوقع حتى عام 2040، مما يعكس التحديات الكبيرة في تلبية الطلب المستقبلي.
المخاطر التي تواجه سوق العقارات
رغم النظرة الإيجابية لنمو الأسعار، حدد التقرير ثلاثة مخاطر رئيسية:
التباطؤ الاقتصادي العالمي: أي تباطؤ في الاقتصاد العالمي قد يؤدي إلى تقليل نمو السكان وزيادة التحديات في السوق.
تقلب أسعار النفط: رغم نجاح الإمارات في تقليل اعتمادها المالي على النفط، فإن انخفاض أسعاره قد يضعف خطط الإنفاق الحكومي ويبطئ وتيرة النمو.
المنافسة الإقليمية: تسعى مدن خليجية أخرى لتطوير اقتصاداتها، إلا أن مكانة دبي كمركز لوجستي وسياحي وتجاري تبقى غير مهددة حاليًا.
توقعات 2025 واستمرار التفوق
تتوقع “نايت فرانك” أن يشهد سوق العقارات في دبي تباطؤًا طفيفًا في معدل نمو الأسعار خلال 2025، مع زيادة متوقعة بنسبة 8% في السوق العام و5% في القطاع الفاخر. وقد واصلت المناطق الراقية مثل نخلة جميرا وجزر جميرا التفوق، مع تضاعف قيم الفلل الفاخرة مقارنة بمستويات 2014.
أظهرت تحليلات “نايت فرانك” أن عدد المنازل التي تتجاوز قيمتها مليون دولار ارتفع من 6.3% من إجمالي المبيعات في 2020 إلى 18.1% في 2024، ما يعكس زيادة غير مسبوقة في تركيز الثروة العقارية في دبي. وأوضح التقرير أن إجمالي قيمة المنازل المباعة في دبي منذ 2002 بلغ 1.47 تريليون درهم، بزيادة قدرها 221% منذ 2020.