كأس العالم 2034.. اقتصاد مختلف
عبدالعزيز العيسى
يشكل استضافة كأس العالم للدول هدفًا اقتصاديًا وتنمويًا للدول التي تُحظى بتنظيم المونديال على أراضيها؛ حيث تكتمل عند موعد الافتتاح جميع المشاريع التنموية الكبرى والبنيات التحتية، ومن التخطيط السليم والمدروس للقيادة الرشيدة أنها تقدمت بطلب الاستضافة لنسخة 2034، أي بعد أربعة أعوام من اكتمال بناء الرؤية واستواء سوقها ونُضج ثمرها، مما يجعل المملكة هدفًا سياحيًا لملايين الناس حول العالم.
من التحولات الإيجابية، أن جزءًا كبيرًا من معدلات الصرف في تكاليف بناء الملاعب والمرافق المرتبطة بها، ودور الضيافة سيتم ضخها وتدويرها بين القطاعات المحلية خاصة المقاولات والبناء والتشييد والتكنولوجيا والإعلام بجميع وسائله، وحسب ما أوردته الإحصائيات الرسمية أن نسخة قطر في 2022 قد بلغت الإنفاق فيها حوالي 200 مليار دولار، ففي نسخة 2034 نتوقع أن يزداد حجم ضخ السيولة لمواجهة متطلبات الحدث، مما يحفز القطاعات المساندة لتهيئة نفسها بالاستعداد مبكرًا لاستقبال الحدث والمنافسة في اقتناص الفرص الكبيرة التي سوف تُطرح تباعًا، وعلى رأس ذلك القطاع العقاري الذي يلزمه توفير 230 ألف غرفة فندقية في المدن الخمس التي سوف تستضيف مباريات المنافسة؛ لذلك فإن للفوز بتنظيم المونديال فرحة كُبرى وسعادة غامرة باتجاه بوصلة العالم نحو المملكة، ومعرفة ثقافتها وتراثها وحضارتها عن قرب، وأن الملايين من عُشاق الرياضة والسفر والسياحة سوف يتحدثون عن رحلتهم إلى المملكة، هذا بدوره يصنع تحديًا جديدًا إلى وزارة السياحة وجميع أذرعها بتصميم برامج سياحية وترفيهية تناسب جميع المستويات والجنسيات، والترتيب مُبكرًا في تأهيل الشركات العاملة في القطاع وتدريبهم على مهامهم ومسؤولياتهم في مونديال القرن، إذ لم يُعد كأس العالم حجز غرفة فندقية وتذكرة لدخول الملاعب؛ بل سيكون شيئًا مختلفًا عن بقية المنافسات.
وكتفكير طبيعي، يتوقع الجميع زيادة الطلب على المساكن الجديدة من قبل الوافدين والمستثمرين، بالإضافة إلى تطور المجمعات السكنية الحديثة القريبة من المرافق الرياضية والمراكز التجارية، خاصة تلك التي تقع بالقرب من محطات مترو الرياض، وكذلك مرافق ودور الإيواء السياحية، وسنشهد تنافسًا شريفًا بين الأحياء التي تعج بالحياة التقليدية وتلك التي اتخذت الحداثة عنوانًا لها، وبين مُحبي المنتجعات والحدائق وهدوء الطبيعة الخلابة.