شهد قطاع العقارات في دول مجلس التعاون الخليجي عامًا ديناميكيًا في 2024، حيث شهدت أسعار العقارات زيادة ملحوظة بفعل ارتفاع الطلب في قطاعات الضيافة والتجزئة. وأسهم تدفق الزوار الدوليين إلى الإمارات والسعودية وقطر في تعزيز أداء السياحة والتجزئة، بينما حافظت المساحات المكتبية على معدلات إشغال مرتفعة. ويتوقع الخبراء استمرار هذا الاتجاه في عام 2025، وفقًا لتقرير موقع (AGBI).
السعودية: نمو عقاري مع تحديات سكنية
أسهم برنامج “رؤية 2030” بشكل كبير في إعادة تشكيل سوق العقارات السعودي، حيث شهدت الرياض زيادة بنسبة 31% في مبيعات الوحدات السكنية خلال الربع الثالث من العام، نتيجة لزيادة تدفق العمالة الوافدة مع النمو الاقتصادي.
كما حققت مشاريع الشقق السكنية بنظام التملك الحر والإسكان الميسر نجاحًا كبيرًا، خاصة تلك التي تنفذها “الشركة الوطنية للإسكان”. ورغم ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء، سجلت أسعار الفلل والشقق في الرياض زيادات بنسبة 5% و4% على التوالي.
كما شهد قطاع المكاتب ارتفاعًا في الإشغال وزيادة في الإيجارات بسبب محدودية المعروض، بينما ازدهر قطاع الضيافة بفضل زيادة بنسبة 27% في أعداد الزوار الدوليين بين يناير وسبتمبر. ومع ذلك، واجهت المراكز التجارية في المناطق غير المركزية صعوبة في تلبية الطلب المتزايد.
وفقًا لعماد ضمرة، المدير التنفيذي لشركة “كوليرز” في السعودية، من المتوقع أن يستمر الطلب على الإسكان المتوسط إلى الراقي والمكاتب المتميزة مع زيادة عدد السكان وجذب الشركات متعددة الجنسيات إلى الرياض.
الإمارات: عام تاريخي في سوق العقارات
تجاوز سوق العقارات في الإمارات التوقعات خلال 2024، محققًا مستويات قياسية في حجم المعاملات وأسعار العقارات، خصوصًا في دبي وأبوظبي. سجلت دبي أرقامًا قياسية في مبيعات المنازل، طلبات الرهن العقاري، وأسعار المساحات المكتبية والمستودعات، حيث كانت العقارات قيد الإنشاء هي الأكثر تداولًا في السوق، حسب تقرير (CBRE MarketView Report).
وفي أبوظبي، ارتفعت مبيعات العقارات الجاهزة بنسبة 51.1% في الربع الثالث على أساس سنوي، وزادت أسعار المساحات المكتبية بنسبة 15.3%، بينما شهدت الإيجارات في المناطق المركزية ارتفاعًا بنسبة 25.6%، وفقًا لتقرير (ValuStrat Research Report).
وفي رأس الخيمة، أسهم تطوير منتجع “وين” السياحي في زيادة النشاط الإنشائي، مما عزز مكانة الإمارة كوجهة سياحية جديدة ونامية.
قطر: استقرار مع تفاوت في الأداء
حافظ سوق العقارات في قطر على استقراره في 2024، مع تزايد الفجوة بين العقارات الفاخرة ونظيرتها الأقل سعرًا. شهدت المكاتب الفاخرة والشقق الراقية ومراكز التسوق الفاخرة طلبًا قويًا، بينما عانت العقارات القديمة من انخفاض في معدلات الإشغال.
ورغم ارتفاع أسعار الفائدة في بداية العام، إلا أن السوق شهد نشاطًا قويًا في الرهن العقاري خلال النصف الأول، وهو ما تراجع تدريجياً في الربع الثالث مع انخفاض الفائدة.
وبالنسبة للقطاع السياحي، شهد أداء الضيافة في قطر تحسنًا ملحوظًا بفضل مشاريع مثل “سميسمة”، ويتوقع أن يسهم إنشاء الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري وتحديث قوانين الملكية في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في 2025.
عُمان: سوق مختلط الأداء
واجه سوق العقارات في عُمان تحديات خلال 2024 بسبب تأثير أسعار الفائدة المرتفعة على النشاط العقاري، مما أدى إلى انخفاض أسعار الشقق بنسبة 13% على أساس سنوي، بينما شهدت أسعار الفلل زيادة طفيفة بنسبة 2.5%.
مع ذلك، يبدي المحللون تفاؤلًا بمستقبل السوق العقاري في السلطنة، مشيرين إلى تحسن مناخ الاستثمار وجاذبية السلطنة للوافدين.
البحرين والكويت: تباين في الاتجاهات العقارية
في البحرين، سجلت المعاملات العقارية زيادة بنسبة 18% في الربع الثالث، مما يشير إلى تعافي السوق رغم الفائض في المعروض. ولكن البحرين تواجه منافسة شديدة من الإمارات والسعودية، مما قلل من مكانتها كمركز مالي.
وفي الكويت، برزت قضية القدرة على تحمل تكاليف السكن كأحد التحديات الرئيسية، ما دفع الحكومة إلى فرض قيود على ملكية المنازل. ورغم تحسن مبيعات العقارات السكنية في الربع الثالث، إلا أن الأسعار استمرت في التراجع للربع السادس على التوالي.
أشارت بيانات بنك الكويت الوطني إلى أن أسعار العقارات في مدينة الكويت من بين الأقل قدرة على تحمل التكاليف في الخليج، بينما شهدت مبيعات العقارات التجارية تراجعًا بعد أداء قوي في الربع الثاني.
التوقعات المستقبلية: نمو مستمر رغم التحديات
مع دخول عام 2025، يتوقع استمرار النمو في القطاعات ذات الطلب المرتفع مثل السياحة، المكاتب الفاخرة، والإسكان الراقي، على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية وتغير سلوك المستهلكين. تسعى الحكومات في دول الخليج إلى تعزيز الاستثمار في القطاعات غير النفطية وزيادة جاذبية أسواق العقارات للأجانب والمحليين على حد سواء.