دردشة إدارية .. الهندسة النفسية .. د. حسام يوسف

منذ سنوات قليلة اقتحم حياتنا علم جديد يسمى علم »البرمجة اللغوية العصبية«، وهو منهج قديم حديث ابتكره عالمان في منتصف السبعينات، أحدهما متخصص في اللغويات والآخر في الرياضيات، وكان هدفهما آنذاك هو تغيير الأسباب، والدوافع الإنسانية التي تحول الطاقة الإيجابية للبشر إلى أخرى سلبية وتقضي على الطموح وتقاوم النجاح وتدفع الأفراد نحو الفشل . . لذلك ركز العالمان في أبحاثهما على إصلاح التفكير وتهذيب السلوك وتعديل العادات نحو الأفضل من خلال التحكم في العقل اللاواعي، واستخدام لغة العقل بأسلوب إيجابي يحقق الأهداف ويلبي الطموحات .

ويأتي مصطلح «البرمجة اللغوية العصبية» موضحاً أنها مجموعة من الأفكار والأحاسيس والعادات تشكل صورة العالم الخارجي في أذهاننا، و»اللغوية« يقصد بها مجموعة المفردات والألفاظ والمترادفات والتركيبات اللغوية التى نستخدمها فى تعاملنا مع الآخرين في المحيط الذي نعيش فيه . . أما »العصبية« فتشير إلى أن الجهاز العصبي هو المايسترو الذي يدير ويتحكم في وظائف الجسد ولا سيما الحواس الخمس .

والمصطلح يراه علماء الإدارة وعلم النفس أعمق من أن تصفه ألفاظ معينة أو تحدده عبارات بعينها لأنه يسعى في النهاية إلى تكوين »نمذجة« عقلية جديدة لدى الأفراد . . ذلك لأن كل تصرفاتنا وأفعالنا تصدر في الواقع من خلال برامج عقلية متكاملة، وإذا كان البرنامج ناجحاً فسيكون العمل ناجحاً والنتائج أيضاً، والمقصود هنا بالبرامج العقلية هو الصورة التخيلية لسلسلة العمليات التي يقوم بها الفرد لتحقيق هدف معين من خلال مجموعة من الفرضيات الذهنية والتي يتم ترجمتها إلى أفعال واقعية .

فمثلاً إذا أراد الشخص أن يتناول طعاماً ففي البداية يكون لديه إحساس بالجوع، ثم تأتي الصورة الثانية في ذهنه وهو يجلس أمام الطاولة، متخيلاً أصنافاً معينة من الطعام، ثم تأتي صورة تناول الطعام، وأخيراً يتخيل شعوره لدى وصوله إلى مرحله الإشباع، ولذلك يدخل الشخص عملياً في مرحلة البحث عقب هذه العملية التخيلية التي تتم في ثوان . . هذه الصور تقفز في أذهاننا بمجرد إحساسنا بالجوع، لأننا غذينا عقولنا بهذا البرنامج المتسلسل من الأفعال، لكننا من خلال البرمجة اللغوية العصبية نستطيع تغيير ذلك النموذج العقلي عن طريق ربط الشبع بالألم مثلاً أو بالمرض أو غير ذلك .

وفي النهاية البرنامج يهدف في مجمله إلى تغذية العقل البشري بأفكار في العقل اللاواعي لتطويره وتغيير وتعديل عمليات النمذجة العقلية إلى الأفضل، وهو ما نستطيع أن نطلق عليه الهندسة النفسية .

www.dr-hossam.com

Exit mobile version