يُعد مسجد الرويبة في مدينة بريدة بمنطقة القصيم واحدًا من أبرز المساجد التي يشملها مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية في مرحلته الثانية، وذلك في إطار جهود المشروع للحفاظ على الهوية العمرانية الأصيلة للمساجد التاريخية بالمملكة. ويُنفذ المشروع عمليات تطوير دقيقة تحافظ على المواد والعناصر المكانية المميزة للمسجد، مع السماح بإضافات محدودة لا تؤثر على طابعه التاريخي الفريد، وعلى رأسها سقفه التراثي الذي يتكون من الطين وخشب الأثل وجريد النخل.
أكثر من 130 عامًا من التاريخ
يرجع تاريخ بناء مسجد الرويبة إلى أكثر من 130 عامًا، ويقع على بعد حوالي 7.5 كم جنوب شرق بلدية بريدة. ومنذ إنشائه، لم يخضع المسجد سوى لعملية ترميم واحدة في عام 1364هـ، وظل محتفظًا بطابعه التراثي الأصيل. ورغم مرور الزمن، لا تزال الصلاة تُقام فيه حتى اليوم، كما كان في السابق مركزًا لإقامة الصلوات، ومدارسة القرآن الكريم، بالإضافة إلى دوره كمقر لتعليم القراءة والكتابة ومختلف العلوم الشرعية، مما جعله منارة علمية وثقافية لأهالي المنطقة.
طراز نجدي أصيل يعكس البيئة والثقافة
يمتاز مسجد الرويبة بسقفه التقليدي الذي يُجسد الطراز النجدي في فن العمارة التراثية، والمعروف بقدرته على التأقلم مع البيئة المحلية والمناخ الصحراوي الحار. وتُعد العناصر الإنشائية لهذا السقف — من السواكف والجذوع المتعامدة وطبقة العسبان المغطاة بطبقة نهائية من الطين — نموذجًا مثاليًا للعمارة التراثية في نجد، حيث تعمل طبقة الطين الأخيرة كمادة عازلة تحمي السقف من الأمطار وتُحافظ على استقراره.
قبل بدء أعمال التطوير، بلغت مساحة المسجد 203.93 متر مربع، وسترتفع بعد استكمال أعمال الترميم إلى 232.61 متر مربع، مع زيادة الطاقة الاستيعابية للمصلين من 60 إلى 74 مصليًا، وهو ما يعكس حرص المشروع على الجمع بين التوسع المدروس والحفاظ على العناصر التاريخية الأصلية.
تطوير بمعايير تجمع بين الأصالة والاستدامة
يعتمد مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية على منهجية توازن بين معايير البناء القديمة والمعاصرة، بهدف تعزيز الاستدامة مع الحفاظ على الهوية التراثية. وتُنفذ الأعمال بأيدي شركات سعودية متخصصة في المباني التراثية، إلى جانب إشراك مهندسين سعوديين لضمان تنفيذ كافة مراحل التطوير بما يحافظ على الهوية العمرانية الفريدة لكل مسجد منذ لحظة تأسيسه.
استكمال مسيرة الحفاظ على التراث
يأتي تطوير مسجد الرويبة ضمن المرحلة الثانية من مشروع تطوير المساجد التاريخية، والتي انطلقت بعد نجاح المرحلة الأولى التي شملت ترميم وتأهيل 30 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق. ويهدف المشروع إلى تحقيق 4 أهداف رئيسية تشمل: إعادة تأهيل المساجد التاريخية للعبادة والصلاة، واستعادة الأصالة العمرانية لهذه المساجد، وإبراز البُعد الحضاري والتاريخي للمملكة، وتعزيز المكانة الدينية والثقافية للمساجد التاريخية.
يعكس مشروع تطوير المساجد التاريخية التوجه العام لرؤية المملكة 2030، التي تُولي اهتمامًا كبيرًا بترسيخ البعد الثقافي والحضاري، من خلال الحفاظ على الخصائص العمرانية الأصيلة والاستفادة منها في تطوير تصاميم المساجد الحديثة، بما يجمع بين الأصالة والتطوير ويعزز الهوية الثقافية للمملكة.