إدارة المشاريع العقارية بالذكاء الاصطناعي
عبدالرحمن بن علي آل قوت
“هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدير مشروعاً عقارياً أفضل من الإنسان؟”
في أحد الاجتماعات المهمة مع مطوّر عقاري كبير، طرح المسؤول سؤالًا : “لماذا ما زلنا نُدير مشاريعنا بالطريقة التقليدية بينما الذكاء الاصطناعي يستطيع فعل كل شيء بدقة مضاعفة؟”
صمتت الغرفة للحظات، قبل أن يجيب أحد الحضور بهدوء: “لأن التكنولوجيا تفهم البيانات، لكنها لا تفهم البشر.”
هذه الجملة ظلت عالقة في ذهني، ودفعتني للتساؤل: هل يمكن للذكاء الاصطناعي حقاً أن يدير مشروعاً عقارياً أفضل من الإنسان؟
الذكاء الاصطناعي: مدير بلا مشاعر؟
اليوم يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل مئات البيانات في ثانية واحدة، يتنبأ بمستقبل السوق، يحدّد المخاطر قبل وقوعها، ويقدّم حلولاً أسرع مما قد يفعل أي مدير بشري.
لكن… دعني أشاركك هذه القصة:
في أحد المشاريع العقارية الكبرى، قرر فريق الإدارة الاعتماد على نظام ذكاء اصطناعي متطور لإدارة العمليات. كان كل شيء يسير بسلاسة حتى حدث أمر غير متوقّع تأخرت بعض المواد الأساسية في الشحن بسبب عطل لوجستي.
الذكاء الاصطناعي قدّم حلولاً تقنية: “ابحثوا عن مورد بديل”، لكن هذا المورد كان يكلف الشركة 30% إضافية.
هنا تدخّل مدير المشروع البشري، اتصل شخصياً بشبكته من العلاقات، فاوض الموردين، ووجد حلاً وسطاً أنقذ المشروع دون زيادة التكاليف.
النتيجة؟ الذكاء الاصطناعي كان أداة، لكن الإنسان كان العقل المدبّر.
الذكاء الاصطناعي يتفوّق… ولكن هل يستطيع الذكاء الاصطناعي قراءة ملامح وجه عميل متردد؟
هل يمكنه التفاوض مع مقاول غاضب بسبب تأخر الدفعات؟
هل يستطيع أن يقرأ بين السطور في اجتماع متوتر ويعيد التوازن؟
الذكاء الاصطناعي قوي… لكنه أداة. الأداة وحدها لا تبني مدينة بل تحتاج إلى قائد يعرف متى يعتمد على الأرقام ومتى يعتمد على حدسه وعلاقاته الإنسانية.
إذاً… من الأفضل؟
في الحقيقة، ليس السؤال “من الأفضل؟” بل “كيف يمكننا المزج بينهما؟”
الذكاء الاصطناعي هو العقل الذي يحلل ويدقق.
الإنسان هو القلب الذي يقرر وينفّذ.
قد يأتي يوم يعتمد فيه العالم على الذكاء الاصطناعي بشكل كامل لكن حتى ذلك اليوم، سيظل الإنسان هو من يُشعل شرارة الإبداع والقيادة في المشاريع العقارية.
والسؤال هنا:
إذا كنت صاحب مشروع عقاري، هل تثق بأن الذكاء الاصطناعي وحده يمكنه قيادة مشروعك حتى النهاية؟ أم أن الإنسان سيظل دائماً جزءاً لا يتجزأ من المعادلة؟