الأراضي البيضاء.. بوصلة جديدة للسوق العقاري
رضا المطرفي
رسوم الأراضي البيضاء ليست مجرد أداة لتطوير المخططات وفتح المعروض السكني، بل هي في نظري بداية عصر جديد يعيد صياغة موازين الاستثمار العقاري بالكامل.
أثرها على المؤشر العقاري لن يقف عند استقرار الأسعار فقط، بل سيخلق أنماطاً جديدة للتقييم العقاري، حيث ستصبح قيمة الأرض مرتبطة بقدرتها على التطوير والاستثمار، لا بمجرد موقعها أو ندرتها، وهذا سيعيد تعريف مفهوم «القيمة السوقية» للعقار في المملكة.
الاستثمار سيتحول تدريجياً من «تجميد رأس المال في الأرض» إلى «تحريك رأس المال عبر التطوير». هنا سيتغير تفكير المستثمر من انتظار ارتفاع سعر الأرض إلى البحث عن تدفقات نقدية مستمرة من مشاريع سكنية أو تجارية أو مجتمعية، بل وأتوقع أن نشهد دخول استثمارات غير تقليدية مثل المرافق التعليمية والصحية والترفيهية ضمن الأحياء المطوّرة، كونها عناصر تعزز القيمة طويلة الأمد.
أما استثمار الأراضي البيضاء، فإنني أرى أن القادم سيشهد ولادة كيانات تطويرية جديدة بشراكات واسعة بين الملاك والمطورين والممولين، مع دخول أدوات تمويل غير مألوفة مثل التمويل الجماعي العقاري والصناديق الموجهة خصيصاً لتطوير الأراضي البيضاء، وهذا يعني أننا مقبلون على عصر يتيح حتى لصغار المستثمرين المشاركة في مشاريع ضخمة كانت حكراً على الكبار.
المستقبل القريب يحمل ما هو أبعد من استقرار السوق؛ فالأراضي البيضاء ستتحول إلى وقود رئيسي يدفع نحو إعادة تشكيل الخريطة العمرانية للمدن، سنرى توسعاً حضرياً أكثر تنظيماً، وارتفاع جودة الأحياء الجديدة بما يتماشى مع رؤية المملكة في تحسين جودة الحياة، والتأثير الأكبر – في تقديري – أن السوق العقاري سيتجه إلى مرحلة فرز حقيقية بين من يملك فكر التطوير والإبداع في استثمار الأرض، وبين من يظل عالقاً في عقلية الاكتناز والانتظار.
مؤسس منصة ذكي العقارية