تفاوت القيمة الاسمية للأسهم: بين حرية الشركات وشفافية السوق
د. عبدالحكيم بن عبدالله الخرجي
مع تطور السوق المالية السعودية وتوسع قاعدة الشركات المدرجة، أصبح من الملاحظ اعتماد بعض الشركات قيمة اسمية للأسهم تختلف عن المعهود، حيث تطرح بعض الشركات أسهمها بقيمة اسمية (1 ريال)، في حين لا تزال الغالبية بقيمة اسمية (10 ريالات)، ورغم أن هذا التنوع يعكس مرونة تشريعية تهدف إلى تمكين الشركات من تنويع أدواتها التمويلية، إلا أنه في المقابل يثير إشكالات قانونية واستثمارية تمس مبدأ الشفافية ووضوح المعلومة لدى المستثمرين.
أولًا: أهمية القيمة الاسمية
القيمة الاسمية ليست مجرد رقم، بل تمثل وحدة محاسبية أساسية تعكس جزءًا من رأس مال الشركة وتُبنى عليها عدة مؤشرات مالية، كالعائد على السهم وربحية السهم، كما تُعد مرجعًا أساسياً في تحديد التوزيعات والاحتياطات ومقدار رأس المال المدفوع.
ثانيًا: الآثار السلبية لتفاوت القيم الاسمية
- الخلط في تفسير السعر السوقي
قد ينجذب المستثمر المبتدئ لسهم يبلغ سعره 12 ريالات، ظنًا منه أنه منخفض القيمة، دون أن يدرك أن قيمته الاسمية 1 ريال، بينما يتجاهل سهمًا آخر قيمته 19 ريالًا وقيمته الأسمية 10 ريالات، رغم أن الأخير أقل قيمة سوقية
- غياب التوعية والإفصاح الكافي
لا تُظهر كثير من منصات التداول القيمة الاسمية بشكل واضح، مما يُضعف قدرة المستثمر على تقييم السهم وفق أسسه المالية.
- عدم العدالة بين الشركات
الشركات ذات القيمة الاسمية الأقل تتمتع بجاذبية سعرية مصطنعة، رغم أن قوة الشركة تقاس ببياناتها المالية لا بسعر سهمها وحده.
ثالثًا: الرؤية القانونية والمقترحات التنظيمية
– مبدأ تكافؤ الفرص بين الشركات والمتداولين يستوجب توحيد معيار القيمة الاسمية أو تنظيمه.
– ووفقًا لسياسات الإفصاح والشفافية المنصوص عليها في نظام السوق المالية ولوائح هيئة السوق المالية، فإن من واجب الجهات المختصة توضيح جميع العوامل المؤثرة على قرار الاستثمار، ومنها القيمة الاسمية.
رابعًا: توصيات عملية
- توحيد القيمة الاسمية للأسهم المدرجة، سواء لتكون 1 ريال أو 10 ريالات.
- أو إلزام منصات التداول بعرض القيمة الاسمية للسهم بجانب السعر السوقي.
- إطلاق حملات توعية للمستثمرين لشرح الفرق بين القيمة الاسمية والسوقية وتأثيرها على قراراتهم.
إن حرية الشركات في تحديد هيكلها المالي أمر مشروع ومطلوب، لكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب وضوح المعلومة وشفافية السوق.
وإذا كانت الرسالة الأساسية للسوق المالية هي “تمكين الاستثمار الواعي”، فإن التنظيم العادل للقيمة الاسمية هو أحد أبواب تحقيق هذه الرسالة وضمان سلامة السوق.
@Dr_alkharji