يشهد قطاع التطوير العقاري في المملكة العربية السعودية تحولًا نوعيًا فيما يتعلق بالتركيز على قوة العلامة التجارية للمطورين باعتبارها إحدى المعايير الرئيسية لجذب المستثمرين والمشترين على حد سواء.
المطورون الأفراد يهيمنون على السوق
ولم تعد المنافسة بين المطورين العقاريين قائمة على المساحات أو التصاميم فحسب مع تسارع تنفيذ مشاريع رؤية السعودية 2030، بل أصبحت المنافسة تدور حول الهوية المؤسسية، ومستوى الثقة، وجودة التجربة التي تقدمها العلامة التجارية للمطور.
وبلغ عدد المطورين العقاريين المسجلين في المملكة 850 مطورًا، بزيادة قدرها نحو 11.6% مقارنة بعام 2023، فيما يشكل المطورون الأفراد حوالي 91.4% من إجمالي السوق، مقابل 8.6% فقط من المطورين الذين يعملون تحت مظلة علامات تجارية كبرى، طبقًا لبيانات منصة “Rentech Digital” لعام 2025.
علامات سعودية تقود التوجه الجديد
وخلال الأعوام الأخيرة ظهرت مجموعة من العلامات العقارية الوطنية التي أصبحت رمزًا للثقة وجودة التطوير، من أبرزها شركة “روشن” للتطوير العقاري المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، والتي انطلقت خلال عام 2020 لتطوير مجتمعات سكنية متكاملة تعكس مفاهيم الاستدامة والعيش العصري، كما تُعد شركة دار الأركان أحد أبرز العلامات التي حافظت على مكانتها في السوق السعودي والإقليمي، بفضل مشاريعها الكبرى في الرياض وجدة والمدينة، ونجاحها في توسيع حضورها إلى أسواق عالمية مثل دبي والبوسنة.
وأبدى أكثر من 91% من السعوديين الذين تتراوح دخولهم بين 60-70 ألف ريال شهريًا اهتمامًا بامتلاك مساكن تحمل علامات تجارية وفقًا لتقرير Knight Frank الصادر في أبريل 2025، وهو ما يعكس التحول في تفضيلات المستهلكين نحو الموثوقية والهوية القوية للمطور.
وتشير تقارير اقتصادية إلى أن المشروعات التي تُنفذ تحت علامات تجارية معروفة تحقق معدل بيع أسرع بنسبة تتراوح بين 20-30% مقارنة بالمشروعات التي لا تحمل هوية مؤسسية قوية.
تحديات بناء العلامة العقارية السعودية
ورغم هذا النمو، تواجه العلامات العقارية السعودية تحديات تتعلق بقدرتها على الابتكار في التسويق، وضمان جودة ما بعد البيع، واستدامة التجربة السكنية، هذا إلى جانب أن نسبة كبيرة من المطورين لا يزالون أفرادًا أو شركات صغيرة تعمل دون هوية تجارية واضحة، ما يقلل من فرصهم في المنافسة بالسوق الذي يشهد دخول علامات إقليمية وعالمية قوية.
علامات سعودية عالمية
ويؤكد محللون أن المرحلة المقبلة ستشهد اندماج الهوية الوطنية مع الطابع العالمي للعلامات السعودية، خاصة مع اتجاه شركات مثل روشن ودار الأركان وشركة “سيتي ووك للتطوير” نحو تطبيق معايير التطوير الذكي والمستدام، وهو ما يساهم في تحول العلامة التجارية في القطاع العقاري السعودي من مجرد اسم إلى رمز لجودة الحياة، وثقة المستثمر، وتكامل المجتمعات الحديثة، بما يتسق مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء مدن مزدهرة واقتصاد متنوع ومستدام.