ظهرت في الآونة الأخيرة موجة من الاحتجاجات التي يبثها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي تنادي بمقاطعة شراء العقارات وذلك لاعتقادهم المغلوط بأن انهيار السوق العقاري بات وشيكاً على خلفيات لم تُحسب بميزان التعقل والفطنة والإدراك لما بعد النظرة الأولى للقرارات والأنظمة وقراءتها بصورة صحيحة وسليمة.
يقود البعض هذه الحملة ويُسخّر لها وقته وأصدقاءه ومعارفه من أجل محاربة المنتجات العقارية معتقدين أن العقار سلعة استهلاكية كمالية أو ترفيهية سوف يسودها الكساد من جراء حملتهم التي لا تستند على المنطق أو الواقع, لذا فلن تقنع الناس بجدوى المقاطعة, لأنه باختصار شديد أن العقار ليس سلعة كمالية أو قطعة جبن، يخاف عليها صاحبها من الفساد ويتخلص منها بأبخس الأثمان.. !!, كلا, لا زال العقار هو الابن البار الذي يعيش مئات السنين ليخدم أصحابه بفوائد كبيرة يعرفها الملاك ويقدرونها أحسن تقدير, هذا من جانب, ومن جانب المواطن العادي يرى أن العقار سلعة ضرورية كالماء والهواء والغذاء, وهو الحياة التي نعيشها , فكيف للإنسان يقاطع حياته..!!
كان الأحرى لدعاة المقاطعة والانتقاد من منازلهم بالبحث في أصل وجذور الغلاء الذي استحكم في السوق العقاري بكل منتجاته سيجدون أن البنوك والجهات التمويلية أحد أهم الأسباب في ارتفاع الأسعار وفي كثير من الأحوال وهي من يتحكم في السعر عند الشراء أو البيع, وهي تغالي في أرباحها التي من المفترض أن تكون هامشية, بل تجر المواطن البسيط لإجراءات كثيرة ومعقدة ينتهي به الحال لرهن الأرض أو العقار للبنك, الذي يمتص عرق المواطن طيلة فترة السداد, وقد يفقد تمويله وعقاره المرتهن ويخرج خاوي الوفاض من هذا المعترك, أليس هذه اللوائح أجدى بالمقاطعة وتبصير الناس بها؟
وكان أجدى لدعاة مقاطعة العقار أن يتفهموا أن من وضع نظام الرسوم على الأراضي البيضاء يستهدف تماسك اقتصاد وطننا الحبيب الذي يتجه بكل قوة نحو التحول الوطني والاستثمارات البديلة للنفط, ويمثل فيها السوق المحلي نسبة مقدرة لا يستهان بها, لذلك تبدو خطوات تنفيذ الرسوم متأنية ومدروسة لتجنب كل الآثار السالبة لكل قرار, لذا تم وضع مهلة 6 أشهر لملاك الأراضي المعنيين لتقديم أوراقهم, هذا يعني أن الرسوم الفعلية ستأخذ وقتاً إضافياً حتى يوفق الملاك أوضاعهم بالبيع أو التطوير.
كنت أتمنى لو مثل هذه التحركات التي تريد أن تُلبس قطاع التطوير العقاري ثوب الاتهام بغلاء الأسعار لو تبعت ذلك بمبادرات لوضع الحلول والإسهام فيها وطرح أفكارهم على الموائد المستديرة التي تنتشر في الأجهزة الإعلامية المختلفة وعبر الديوانيات والورش المتخصصة, يجب علينا جميعاً مساعدة وزارة الإسكان في بلورة أفكارها بالتسريع في عمليات البناء عبر التعاون معها في إيجاد تحالفات جديدة بين الثلاثي (ملاك الأراضي والمطورين العقاريين والجهات التمويلية) ووضع أسس منهجية تراعى من خلالها القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة وما دونها.. ومهما يقال عن العقار فسيظل هو الابن البار.
رئيس التحرير