في الوقت الذي تتجه فيه الدولة لدفع عجلة التنمية الإسكانية في المملكة وحل الضائقة السكنية بسن العديد من الأنظمة التي عالجت معوقات كثيرة كانت تقف أمام المطورين العقاريين، بل ذهبت لأكثر من ذلك بإجازة بيع الوحدات السكنية على الخارطة ورصدت حوافز قيمة وتسهيلات إدارية كانت مثابة الحلم للمطورين وفي مقدمتها استعادة الثقة التي كانت مفقودة بين المشترين وأصحاب المشاريع والمخططات السكنية.
وفي خطوات متوازية مع تفعيل الأنظمة الجديدة بدأت وزارة الإسكان في الإيفاء بوعودها في جعل 2107 عاماً يرسم ملامح جديدة للوزارة في المضي قُدماً نحو تحقيق إستراتيجيتها، طارقة كل السبل، فضخت الأسبوع الماضي أكثر من 15.6 ألف منتج سكني وتمويلي، توزعت في جميع أنحاء المملكة ومع كل هذه المجهودات المقدرة من الوزارة تظل حلقة التمويل العقاري المحفز مفقودة في هذا الحراك الذي ينتظر منه تغير بوصلة وثيرومومتر السوق نحو القطاع السكني.
نعم المطلوب من وزارة الإسكان وصندوق النقد السعودي (ساما) الضغط على البنوك في إيجاد أنظمة قوية وشجاعة تُلزم البنوك على تمويل مشاريع التطوير العقاري وفق عقود شراكة تضع الممولين في خانة الشركاء حتى نضمن استمرارية السيولة وتدفق المنتجات السكنية بأسعار منافسة لا تهلك أقساطها المستفيد الذي يصبح في أغلب الأحيان (خاسرا) بعدم جدوى تسديد القروض غير المحفزة، فمن غير المعقول في المنظومة الاقتصادية أن نطالع في مرات عديدة تراجع تمويلات البنوك المصارف لعمليات التطوير العقاري والأنشطة المصاحبة له مثل مواد البناء التي انخفض تمويل المستورد منها في 2016 إلى 17% أي بما يعادل ثلاثة مليارات ريال؛ إذ بلغت تلك الاعتمادات الجديدة المفتوحة خلال العام 14.7 مليار ريال مقابل 17.7 مليار ريال لعام 2015م، هذا التراجع الكبير في دعم التنمية العمرانية يدخل البنوك في دائرة تكسير عزيمة التطوير السكني الذي أصبح هماً وطنياً أجمعت عليه الدولة وبذلت حكومتنا الرشيدة كل ما في وسعها لراحة المواطن ولكن البنوك لازالت هي دون الطموح في الإسهام لتحقيق طموح «مسكن لكل مواطن».
كما نطمح من وزارة الإسكان مواصلة دعمها للمطورين بإلغاء الرسوم المفروضة على العارضين العقارين ودفع مبلغ وقدره 3000 ريال عن كل يوم عرض لمشاريعهم التي تسعى الشركات فقط لتنوير الجمهور ومعرفة رغباتهم السكنية إذ لا بيع في المعارض، كما نتمنى من الوزارة أن تتبنى دور الوسيط في تقريب المصالح بين الثلاثي (البنوك والمطورين وملاك الأراضي) حتى نحقق للقيادة الرشيدة أمنياتها بالسكن الملائم لكل مواطن.