أصدرت شركة نايت فرانك, المتخصصة في تقديم الاستشارات لمختلف العملاء ومالكي ومشتري العقارات والمطورين الرئيسيين والمستثمرين, تقريراً حول أداء السوق العقاري بالمملكة في 2017 , أوضحت فيه التوقعات الجيدة لنتائج المبادرات الحكومية المتنوعة التي تهدف إلى تحفيز القطاع العقاري، إلى جانب تشجيع القطاع الخاص على الاضطلاع بدور رئيسي في هذه العملية. وعند تناول الموضوع من منظور أوسع، فإن الإجراءات الإصلاحية الإستراتيجية المتخذة مؤخراً – والتي تهدف إلى تهيئة أجواء مواتية للاستثمار ودعم القطاعات غير النفطية –تركز بشكل كبير على القطاع العقاري والذي من المتوقع له أن يضاعف مساهمته في الناتج الاقتصادي خلال الفترة الممتدة حتى عام 2020.
اقتصادياً.. نمو الناتج المحلي
ورجح التقرير أن استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية والبدء في جني ثمار التنويع الاقتصادي للمملكة بعيداً عن عائدات النفط وفقاً لما حددته “رؤية المملكة العربية السعودية 2030” وبرنامج التحوّل الوطني، من شأنه أن يساعد في نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة مع توقعات بتسجيله ارتفاعاً بنسبة 1.1% خلال عام 2018، ليتنامى هذا الزخم ويصل إلى 1.6% في عام 2019 وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.
وكذلك من المتوقّع أن توفر القطاعات غير النفطية دعماً للاقتصاد بشكل عام، وذلك في ظل وجود ترجيحات حول زيادة نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد غير النفطي إلى 3% على المدى المتوسط متجاوزاً مستوى نمو الناتج المحلي الإجمالي العام.
معالجة قضايا سوق العقارات السكنية
دخل أداء سوق العقارات السكنية في المدن والمناطق الرئيسية للمملكة العربية السعودية (الرياض، جدة والمنطقة الشرقية) مرحلة من التباطؤ في الأداء خلال عام 2016، حيث تأثّرت الصفقات المنفذة وأسعار البيع سلباً بعد فترة من المرونة النسبية، وقد استمر هذا التوجه خلال عام 2017.
ويعزى هذا الأداء السلبي إلى تشديد السيولة في الأسواق نتيجةً لهبوط أسعار النفط. وتفاقمت هذه الحالة نظراً لتراكم مجموعة من العوامل المتأصلة الأخرى والمتمثلة في القدرة المحدودة على تحمل التكاليف، ومحدودية فرص الحصول على تمويل المشاريع، والنقص الحاصل في العرض ضمن سوق الوحدات المنخفضة إلى المتوسطة القيمة، فضلاً عن عدم ملاءمة المعروض الحالي من الوحدات السكنية.
وذكر تقرير شركة نايت فرانك أن هنالك شعورٌ بارتياح تجاه المبادرات الحكومية الحالية التي تهدف إلى معالجة التحديات الرئيسية التي تحدُّ من نمو القطاع السكني في المملكة، بما في ذلك أسعار الأراضي المرتفعة، وانعدام التوازن بين العرض والطلب والقدرة على تحمل التكاليف وغيرها من التحديات, وتُبين الجهود التنظيمية المبذولة– مثل نظام الأراضي البيضاء، ومشاريع الإسكان الضخمة، و التعديلات في قانون القروض العقارية– نية الحكومة معالجة قضايا سوق العقارات السكنية في المملكة. وبينما تبرز منافعهذه الجهود ببطء ، فإننا ننظر إلى هذه المبادرات كخطوة في الاتجاه الصحيح نحو تعزيز نشاط السوق العقارية خلال الأعوام المقبلة.
قطاع المكاتب التجارية
تسببت حالة انعدام اليقين الاقتصادي بضغوط سلبية على خطة توسع الشاغلين خلال العام 2017، وينطبق ذلك بشكل خاص على مدينة الرياض حيث تشكّل الهيئات الحكومية الشاغل الرئيسي للمكاتب. وتشير توقعاتنا إلى استمرار ضعف الطلب على المساحات المكتبية في عام 2018، مما يؤدي إلى المزيد من الضغوط على إيجارات العقارات التجاريّة, ولكن من المرجح أن تحافظ معدلات الإشغال على استقرار نسبي نظراً لاستمرار حالة الجمود التي تكتنف سلسلة المعروض على المدى المتوسط.
وفي الواقع، لطالما اتسم القطاع العقاري السعودي بافتقاره للمساحات المكتبية من الدرجة الأولى، حيث يمتلك الكثير من الشاغلين المباني التي يشغلونها, وبالتالي تحافظ معدلات الإشغال في المشاريع العقارية الرئيسية على مستويات مرتفعة, وخلال الأعوام الأخيرة، هيمنت حالة من نقص في مستويات المعروض على سوق مكاتب الفئة الأولى في مدينة الرياض، حيث وصلت معدلات الإشغال في عدد من الأصول الرئيسية مثل “برج المملكة” و”برج الفيصلية” إلى نسبة 100%, وتمتد حالة الجمود في آليات العرض لتطال المساحات المكتبية التجارية من الفئة الأولى في مدينة جدة على نحو مماثل.
وتكتسب المشاريع الرئيسية المتعددة الاستخدامات – مثل “مركز الملك عبدالله المالي” ومشروع “واجهة جدة البحرية” – أهمية كبيرة في تطوير سوق المكاتب التجارية، حيث ستسهم بعد استكمالها بإحداث تغيير إيجابي كبير في آليات عمل السوق من خلال توفير أفضل المنتجات العقارية المتعددة الاستخدامات. ولكن نظراً للظروف الاقتصادية الراهنة، فإنه من المحتملحدوثِ تأخيرٍ في مراحل استكمال المشاريع الكبرى.
مبادرات جديدة في قطاع الترفيه والإيواء
واجهت سوق الضيافة في مدينتي جدة والرياض الكثير من التأثيرات المعاكسة طوال العام 2017، والتي جاءت كنتيجة لظروف اقتصادية واسعة النطاق وتوفير المزيد من المعروض في الأسواق. أما على صعيد الأداء، فقد تأثّرت الإيرادات مقابل الغرفة المتوفرة (RevPAR) سلباً في ظل وجود هذه ضغوط.
وبقي توزع المنتجات السياحية غير متوازناً إلى درجة كبيرة في كلتا المدينتين، حيث رجحت الكفة لصالح الفنادق من فئة 5 نجوم والتي مثّلت نسبة تفوق50% من إجمالي عدد الفنادق لكل من جدة والرياض. ومن هذا المنطلق، يمثّل قطاع الفنادق المتوسطة والراقية فرصة استثمارية أكثر أهمية من قطاع الفنادق الراقية والفاخرة.
ويشير إطلاق مبادرات جديدة في قطاع الترفيه، مثل الفعاليات الثقافية و”مدينة الترفيه” إلى خطوات جدية لبناء سمعة للمملكة كوجهة للترفيه في المنطقة، وتنويع قاعدة الطلب, ومن خلال تنويع الطلب للزوار المحتملين، يمكن تحفيز نمو مستدام في الطلب على المدى المتوسط، وهو ما سيقود إلى فرص عمل إضافية في السوق المحلي. وبالرغم من تباطؤ الأداء، ستبقى فرص تطوير قطاع الضيافة في كلتا المدينتين مدعومة بالطموحات الطويلة الأجل للحكومة في هذا الإطار.