خطوط عريضة ومتشابكة تحيط بواقع السوق العقاري اليوم ومتناقضات كثيفة أدت لعتمة في اتخاذ قرار المشترين أمام العرض الكثير ولكنه للأسف لا يُرضي رغبات الطلب؛ خاصة في القطاع السكني الذي أصبح لغزاً محيراً في نظر الكثير من المختصين، لأن كثرة العرض تستوجب نزول الأسعار والإقبال على الشراء، يقول غير ذلك، حيث لازالت الأسعار مستعصمة ترفض الانخفاض رغم محاولات المطورين العقاريين ووزارة الإسكان التي حددت سقفاً لمنتجاتها السكنية 750 ألف ريال لحدٍ أقصى.
برنامج البيع على الخارطة كان يعول عليه كثيراً في زيادة عدد مبيعات السوق والإسهام بحل الضائقة السكنية بصورة أكبر من الحجز على ورق التصاميم الهندسية والمجسمات التي تجتذب المواطنين ويسيل لها لعاب من يحلم بسكن آمن يريحه من إحراج الملاك وفواتير الإيجار وفي نفس توجد الكثير من المشاريع المتعثرة ولا يعرف أحد كم عددها ولا سبب توقفها من العمل؛ مما تزيد من إرباك المشهد العقاري.
ومن المشاهد المألوفة والمسموعة في المجالس العقارية، عدم قدرة المواطن على شراء وحدته السكنية من غير الدعم المباشر من الصندوق، بالرغم من انخفاض الدفعة المقدمة من 30% إلى 10% ومع حاجة المواطن الماسة للدعم نجد هنالك عدداً كبيراً من المستفيدين يطلبون تأجيل قروضهم؛ وذلك لعدم ثقتهم في السوق وفي نفس الوقت لا يستطيعون التكيف مع تكاليف التمويل العالية.
أما حركة البيع والشراء، فنجد هنالك حركة في بيع الفلل الجاهزة الصغيرة والتي تمتاز بالسعر الذهبي (أقل من المليون ونصف المليون) وسوق الإيجارات انخفض في بعض المناطق لأكثر من 60% وخاصة في الأحياء التي يسكنها الأجانب الذين بدأوا في موسم العودة لبلدانهم نتيجة للمتغيرات الاقتصادية والأنظمة الجديدة، أما أحياء الشمال وبقية الأحياء الراقية فانخفضت أسعار الإيجارات في حدود 30%، فيما حافظت بعض الأحياء على أسعار وإيجارات الشقق.
السوق العقاري الآن يحتاج لقاعدة بيانات حقيقة تساعد على إزالة التشوهات التي تكتنفه وتبعد القطاع من الشائعات المغروضة التي يطلقها البعض في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أضرت كثيراً بالملاك والمشترين, وأضاعت عليهم فرصاً استثمارية كبيرة، وأدت لعزوف الرجال الأعمال والعقاريين من مواكبة السوق وهذا لا ينفي الدور الكبير والإيجابي الذي أدته المزادات في وضوح الصورة الحقيقية للسوق وتعزيز الرغبة في الشراء.