كم كانت رؤية 2030 أكثر من ملهمة ومبدعة، عندما راهنت على قدرة المرأة السعودية في أن تكون شريكاً فعلياً في مشوار النهوض بالمملكة، وإعادة رسم ملامح دولة جديدة، عمادها جميع أبناء الوطن، رجالاً ونساءً.
فعندما أعلن ولي العهد عن الرؤية في صيف 2016، اختار سموه أن تنطلق الرؤية من مرتكزات وثوابت قوية، أبرزها حواء السعودية التي لم تنل فرصتها كاملة في إثبات الذات خلال الفترة الماضية، وجاءت الرؤية لتعلن عن عهد جديد للمرأة، عهد يدعوها لبذل والعطاء بجانب أخيها الرجل، من أجل الوطن.
واليوم، تجني الرؤية ثمار الإصلاحات، التي ابتكرتها وشقَّت بها الطريق لمشاركة المرأة في التنمية الشاملة، ولأن المرأة السعودية كانت تنتظر هذه الفرصة بفارغ الصبر، فلم تشأ أن تضيعها، فاستثمرتها أفضل استثمار، وأرادت أن تثبت لنفسها ولمن يهمه الأمر أنها محل ثقة، ولم تمر فترة طويلة، إلا وأصبحت حواء السعودية عنصراً مهماً من عناصر قوة المملكة، وكان لها نصيب واضح في بناء تطلعات الرؤية وتحقيقها من خلال العديد من مبادرات منظومة برنامج التحول الوطني والمركز الوطني، التي أسهمت في تقدُّم المملكة للعام الثاني على التوالي في الأنظمة واللوائح المرتبطة بالمرأة، وفقًا للتقرير الصادر عن مجموعة البنك الدولي، الذي يهدف إلى مُقارنة مستوى التمييز في الأنظمة بين الجنسين في مجال التنمية الاقتصادية وريادة الأعمال بين 190 دولة.
نجحت المرأة السعودية في وضع لمستها الخاصة في إعادة صياغة الكثير من المفاهيم، والمشاركة في تنفيذ المخططات التي وعدت بها الرؤية، ولعبت دوراً حيوياً في إستراتيجية تنمية المملكة، وزاد عدد السعوديات اللاتي تقلدن مناصب إدارية رفيعة خلال السنوات الماضية، بالتزامن مع بدء المملكة إصلاحات جديدة تهدف لتحسين سجلها في مجال تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين.
مبادرات دعم مسيرة المرأة السعودية، تجاوزت المرأة نفسها، إلى ما هو أبعد، فكانت هناك مبادرة لتوفير خدمات الرعاية لأطفال النساء العاملات، وأخرى لدعم وتسهيل نقل المرأة العاملة من خلال برنامج “وصول”، وثالثة لتشجيع العمل عن بُعد، التي تهدف إلى توفير أسلوب مرِن في التوظيف، ما يتيح المجال الوظيفي أمام المزيد من القوى العاملة الوطنية في المملكة ممن يصعب عليهن الالتزام بالحضور إلى مقر العمل، وغيرها من المبادرات التي تهدف إلى زيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وزيادة إسهامها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وإشراكها في مختلف المجالات والمستويات الوظيفية.
وفي العام الماضي، لا أنسى مطلقاً إشادة تقرير البنك الدولي تحت عنوان “المرأة والأعمال والقانون 2020″، هذا التقرير أظهر صراحة أن المملكة تصدّرت البلدان القائمة بالإصلاح على مستوى العالم في العام نفسه، بعدما طبق ولاة الأمر إصلاحات تاريخية لتحسين مشاركة المرأة في الاقتصاد، وسمحت هذه الإجراءات بحرية السفر والتنقل للمرأة.
أستطيع التأكيد على أن ما حصلت عليه المرأة السعودية في رؤية 2030 كان بمثابة حلم كبير أصبح حقيقة وأمراً واقعاً، فإصلاحات سمو ولي العهد الخاصة بالمرأة، أقل ما توصف به أنها جريئة وشجاعة، لأنها رسخت الحقوق القانونية للمرأة في المملكة، وتستفيد 5.5 مليون امرأة سعودية فوق سن 21 عاما بالفعل من هذه الإصلاحات، وسيواصلن جني الفوائد لأجيال قادمة.