تحدث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع (يحفظه الله) في مقابلة تلفزيونية تاريخية، مع الإعلامي عبدالله المديفر، مساء الثلاثاء الماضي بشفافية متناهية تسندها لغة الأرقام، عن منجزات رؤية المملكة للسنوات الخمس الماضية وملامح المرحلة القادمة، بعد أن تم إنجاز البني التحتية التمكينية، وبناء الهياكل المؤسسية والتشريعية ووضع السياسات العامة، وتمكين المبادرات وتحسين الأداء العام للمنظومة الإدارية السعودية ودفع عجلة الإنجاز والنمو والتطوير في كافة المجالات .
لقد تناول سموه في تلك المقابلة الاستثنائية ببديهية حاضرة وذهنية متقدة؛ كافة القضايا الاقتصادية التي تهم المواطن السعودي، وكذلك مجمل الموضوعات السياسية التي تهم المنطقة والعالم، مستخدماً لغة واضحة وصادقة، أساسها الأرقام والإحصاءات وعمودها منهجية التفكير الرفيع والرؤية الثاقبة التي حققت بفضل المولى عز وجل ودعم خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله إنجازات تاريخيه في فترة وجيزة.
فقد جاء في حديث سموه الكريم في المقابلة نموذجين لافتين، هما محط اهتمام المجتمع السعودي والنخب الاقتصادية، ملف الإسكان وأداء صندوق الاستثمارات العامة، حيث برزت هنا القفزات العملاقة في الأداء الإداري والاقتصادي الغير مسبوق في الإدارة السعودية، ففي قطاع الإسكان، ارتفعت نسبة تملّك المواطنين للمساكن لتصل إلى 60 % مقارنة بنسبة 47 % قبل خمسة أعوام، إضافة إلى أن الحصول على الدعم السكني أصبح فورياً بعد أن كان يستغرق مدة تصل إلى 15 سنة قبل إطلاق الرؤية، وتضَاعُفت أصول صندوق الاستثمارات العامة لتصل إلى نحو 1.5 تريليون ريال في عام 2020م بعد أن كانت لا تتجاوز 570 مليار ريال في 2015م.
إن الفكر الإداري الرفيع واللغة الثرية المتخصصة التي استخدمها سمو ولي العهد، لجهة حتمية التناغم والتكامل بين أطراف المنظومة الحكومية لتحقيق المستهدفات وضرورة تجانس الحكومة للمضي قدماً نحو الأهداف الوطنية الكبرى، من خلال سياسات موحدة في مركز الدولة التي لم تكن موجودة في فترات سابقة تكشف عن إدراك عالي لحجم التحديات السائدة في الحياة الإدارية السعودية آنذاك ومتطلبات النجاح الإداري والتنموي لدولة بحجم المملكة العربية السعودية.
لقد أسفرت قيادة سمو ولي العهد لبرامج الإصلاح الإداري والمآسسة في بناء عمل مؤسسي لدولة تنموية عملاقة، من خلال تطبيق سياسات مركزية للدولة تحقق المقاصد والغايات الكلية للمشروع الوطني السعودي الحديث، ولا شك أن هذه المشاريع الوطنية الكبرى تحتاج إلى قيادة تنفيذية مؤمنة بالأهداف الكبرى ومتفانية بالعطاء ولديها الشغف الذي أكد عليها سمو ولي العهد كمحرك رئيس للعطاء والتكليف، مؤكداً في الوقت ذاته مبدأ المسؤولية والمحاسبة من خلال آليات دائمة لتقييم القيادات وتكليف القادرة منها على النهوض بهذه المشاريع وحمل المشعل التنموي .
لذلك كله؛ من الأهمية بمكان التوقف عند مضامين حديث سمو ولي العهد، فقد كانت مليئةً بالبشائر والحقائق في آن واحد، فقد بين يحفظه الله؛ عدم رضاه عن أرقام البطالة الراهنة؛ ومستبشراً في الوقت ذاته بالعمل الدؤوب نحو كسر حاجز 11% في نسبة البطالة هذا العام رغم تحديات جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية محلياً وإقليماً وعالمياً، مع التطور اللافت والبارز في ملف تمكين المرأة السعودية في القوى العاملة لتصل إلى 33.2 % عام 2020م بعد أن كانت 19.4 % في عام 2017م، إضافة إلى تطوير القوانين التي تحمي وتعزّز حقوقها على المستويات الشخصية والمهنية.
ما يعني هنا؛ محورية المواطن السعودي في رؤية المملكة الحديثة واستراتيجيتها التنموية الطموحة من خلال رفع مستوى دخل الوظائف في المملكة وتحقيق التنمية المستدامة لكافة المناطق والمحافظات .
إن عملية تحديث الدول على مر التاريخ يشكل فيها عنصر الزمن والمثابرة محركات رئيسة لنجاح مشاريع التغيير والتطوير الايجابي، لذلك نجد انه خلال الخمس سنوات الماضية وبقيادة سمو ولي العهد تم إصدار أكثر من 197 تشريعاً في مختلف المجالات، شملت أنظمة وتنظيمات ولوائح وترتيبات تنظيمية، تمكن كافة أطراف المنظومات في القطاعين العام والخاص من التحرك قدما نحو التنمية الواعدة.
إن مرتكزات الخطاب الاقتصادي لسمو ولي العهد تؤكد أولوية القطاع الخاص في الاستراتيجية السعودية، فقد كشف -يحفظه الله- عن سخاء الإنفاق الكبير والغير مسبوق والذي سيشكل قفزة كبرى في مختلف القطاعات، فبعد أن كان الصندوق ينفق من استثماراته داخل المملكة 3 مليارات ريال فقط ، في عام 2020م انفق صندوق الاستثمارات العامة داخل السعودية 90 مليار ريال استثمارات جديدة، وفي العام 2021م سينفق صندوق الاستثمارات العامة 160 ملياراً، بهدف تعزيز الاقتصاد السعودي والنهوض بجودة الحياة والعمل نحو رفاهية المواطن السعودي.
إن أبرز الرسائل التي تبرز في هذه المقابلة الإعلامية الكبرى هي أن المملكة تسير بخطط دقيقة ووفق خطوات محسوبة يقوم عليها كفاءات مؤهلة، رغم وجود قرارات قد تضطر لها الدولة في بعض الأحيان، ولكن يجري تقييمها ومراجعتها بشكل مستمر ووفق متغيرات الوضع الاقتصادي.
وفي الشأن السياسي، أعاد سمو ولي العهد تعريف أولويات السياسية الخارجية للمملكة وتحديدها بشكل واضح وجلي، مجيباً بشكل مختصر عن ماهية الركيزة الأساسية في السياسة الخارجية السعودية، حيث أوجزها بجملة واحدة وهي (مصلحة المملكة العربية السعودية) والتي تشكل مسطرة ثابتة للدبلوماسية السعودية الجديدة، مؤكداً على صلابة الموقف السعودي بعدم القبول في التدخل في شؤون المملكة الداخلية، ودعوته يحفظه الله للسلام والاستقرار والازدهار في المنطقة، مشددا في الوقت ذاته على التصدي للغلو والتطرف
والتمسك بخيار الاعتدال والإسلام الوسطي.
لقد قدم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان يحفظه الله أنموذجا فريداً للزعيم المناضل من أجل النجاح والنهوض بمشاريع شعبه وامته، ذخيرته الكبرى في رحلة بناء الدولة هي توفيق المولى عز وجل والتفاف الشعب السعودي خلف قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين يحفظهم الله.
- محافظ الهيئة العامة لعقارات الدولة
* نقلاً عن صحيفة الرياض