أعلنت شركة نايت فرانك، المتخصصة في الاستشارات العقارية، أن حجم مشاريع البنية التحتية والعقارات التي كشفت عنها المملكة العربية السعودية منذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016 قد وصل إلى 1.3 تريليون دولار أمريكي (ما يعادل 4.88 تريليون ريال سعودي). ويأتي هذا الرقم كدليل على الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في تحويل خططها التنموية إلى واقع ملموس، مع تعزيز مكانتها كقوة اقتصادية جديدة على الساحة العالمية، وفقا لموقع بلومبرج.
قفزة كبيرة في تنفيذ المشاريع وتحقيق الأهداف
خلال العام الماضي، شهدت المملكة تطورًا ملحوظًا في طموحاتها الاقتصادية، حيث تم منح عقود بناء بقيمة 250 مليار دولار (937.5 مليار ريال) من إجمالي المشاريع المعلنة منذ 2016. ووفقًا لتقرير نايت فرانك، فإن هذه المشاريع تشمل مجموعة من المبادرات الكبرى في البنية التحتية والعقارات، مما يعكس التزام المملكة بتحقيق رؤية 2030 وتسريع وتيرة التغيير الاقتصادي والاجتماعي.
كما كشف شركة نايت فرانك في تقريرها أنه منذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016، تم الإعلان عن مشاريع تهدف إلى توفير 1,048,000 وحدة سكنية في المملكة العربية السعودية. وتم الانتهاء من 4% فقط من هذه الوحدات حتى الآن، بينما من المقرر استكمال بقية الوحدات بحلول عام 2030، ضمن جهود المملكة لتحقيق أهدافها الطموحة في تحسين جودة الحياة وزيادة نسبة تملك المواطنين للمساكن.
شهدت المعاملات السكنية في المملكة العربية السعودية، والتي شكلت 61% من إجمالي الصفقات العقارية من حيث القيمة خلال النصف الأول من عام 2024، زيادة ملحوظة بنسبة 41% في عدد الصفقات، حيث بلغ عددها ما يقارب 91,860 عملية بيع. كما ارتفعت قيمة هذه المعاملات بنسبة 48% لتصل إلى 77.6 مليار ريال سعودي خلال نفس الفترة.
وكان للمبادرات الحكومية التي تستهدف تعزيز المعروض من المساكن وزيادة القدرة على تحمل التكاليف، دوراً حاسماً في تحفيز نشاط المبيعات هذا العام. فقد أطلقت الحكومة مشاريع إسكان متنوعة، بما في ذلك برامج “سكني” و”وافي” التي تهدف إلى تعزيز ملكية المساكن بين المواطنين. وشملت هذه الجهود أيضًا المدن الثانوية والثالثية في جميع أنحاء البلاد.
وبحلول نهاية عام 2023، بلغت نسبة مالكي المساكن السعوديين 63.74%، مسجلة زيادة قدرها 16.7 نقطة مئوية مقارنة بعام 2016، وهو العام الذي تم فيه إطلاق خطة التحول الوطني. هذا الإنجاز تجاوز هدف الحكومة المحدد لعام 2023 وهو 63%، وفقًا لبيانات وزارة البلديات والإسكان، مما يعكس نجاح السياسات الحكومية في زيادة نسبة التملك بين المواطنين.
وفيما يتعلق بالرياض، أوضحت شركة نايت فرانك أن العاصمة السعودية ستشهد اكتمال 4.6 مليون متر مربع من مساحات المكاتب الجديدة بحلول عام 2030، بالإضافة إلى 2.6 مليون متر مربع من مساحات التجزئة الجديدة. كما أشارت الشركة إلى أنه سيتم تسليم حوالي 28,800 غرفة فندقية جديدة، مما سيزيد العدد الإجمالي للغرف الفندقية من حوالي 22,300 غرفة حاليًا، وذلك في إطار الجهود المستمرة لتلبية الطلب المتزايد على المساحات التجارية والسياحية في المدينة بحلول عام 2030.
ويعكس هذا التوسع الضخم إحساسًا متزايدًا بالزخم نحو تنفيذ الرؤية، خاصة مع سعي المملكة للوصول إلى أهدافها بحلول عام 2030، حيث تهدف إلى تحقيق تحول شامل يعيد تشكيل اقتصادها ويعزز تنافسيتها العالمية.
استضافة الفعاليات العالمية تعزز مكانة المملكة
كما أن التحول الاقتصادي الإيجابي للمملكة يتضح من خلال استضافتها لمعرض إكسبو الدولي 2030 في الرياض، إلى جانب كونها المرشح الوحيد لكأس العالم لكرة القدم لعام 2034. هذه الإنجازات الدولية تعزز من مكانة السعودية وتعكس ثقة المجتمع الدولي في قدرة المملكة على استضافة الفعاليات الكبرى، مما يدعم الاقتصاد الوطني ويجذب المزيد من الاستثمارات.
تحديات وفرص في سوق العقارات السكنية
ورغم هذه النجاحات، يواجه سوق العقارات السكنية في المملكة بعض التحديات، مثل التقلبات المرتبطة بالدورات العقارية العالمية. ومع ذلك، يظل السوق نشطًا حيث يجري حاليًا بناء حوالي 660 ألف وحدة سكنية في مختلف أنحاء البلاد، مما يعكس الجهود المبذولة لتلبية الطلب المتزايد على الإسكان وتوفير منازل عصرية تتناسب مع احتياجات السكان.
وتسعى المملكة من خلال هذه المشاريع الضخمة إلى توفير بيئة سكنية متكاملة للمواطنين، متجاوزة التحديات الراهنة عبر تقديم حلول إسكانية مبتكرة ضمن رؤية شاملة للمستقبل.
رؤية 2030: التزام بتحول اقتصادي شامل
في تصريح له، أكد فيصل دوراني، رئيس قسم الأبحاث لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة نايت فرانك، أن المملكة تسير على الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها الطموحة، معتبرًا أن رؤية 2030 تمثل نقلة نوعية نحو بناء واحدة من أكثر الاقتصادات حيوية وديناميكية في العالم. وأشار إلى أن الإعلان عن الرؤية كان بمثابة نقطة تحول كبرى تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وتنويع الاقتصاد، مما يعزز القدرة التنافسية للمملكة على مستوى العالم.
وتتجلى أهمية رؤية 2030 في كونها مخططًا استراتيجيًا لمستقبل السعودية، حيث تسعى إلى تأسيس مجتمع متجذر في التراث والتقاليد، مع التركيز على تطوير اقتصاد غير معتمد على العائدات النفطية. وتبرز ضمن هذه الرؤية مشاريع كبرى، مثل مدينة نيوم، التي تعد رمزًا للمدن المستقبلية بتكلفة تقدر بـ 500 مليار دولار، مما يعكس التزام المملكة بتقديم حلول حضرية مبتكرة.
مشاريع كبرى لتحقيق رؤية 2030
تمثل رؤية 2030 خطة طموحة تهدف إلى توفير مساكن عالمية المستوى للمواطنين السعوديين، وهي جزء من الجهود الشاملة لإعادة تعريف الحياة الحضرية في المملكة. ومن ضمن هذه الخطط، يجري العمل على تطوير ما لا يقل عن 15 مدينة جديدة، بما في ذلك مدينة نيوم، التي تعد نموذجًا للمدن الذكية المستقبلية.
ويعكس هذا التحول التزام المملكة بتحقيق تغيير نوعي في قطاعات مختلفة، بما في ذلك الإسكان، وتطوير بنية تحتية متقدمة تلبي احتياجات المستقبل، وتعزز من جودة الحياة للمواطنين والمقيمين على حد سواء.
ويتضح من هذه الجهود أن المملكة تسعى بشكل جاد إلى تحقيق نقلة نوعية في اقتصادها من خلال رؤية 2030، مما يعزز مكانتها كمركز اقتصادي عالمي ووجهة جاذبة للاستثمارات. ومن خلال هذه الرؤية، تستعد السعودية للانطلاق نحو مستقبل مشرق يحقق التنمية المستدامة ويحسن من جودة الحياة لكل من يعيش على أرضها.