قد يعتقد البعض أنه لا علاقة بين التمويل العقاري ( القرض الإضافي) ، وثقافة الإدخار، ولكن بالطبع هناك علاقة وثيقة بينهما ، لا سيما بعد إعلان آلية وزارة الإسكان الجديدة والتي تبعها إطلاق وتطبيق التمويل الإضافي بصيغته الجديدة والذي تضمنت لوائحه الجديدة أن يكون التمويل على 70% من قيمة المسكن، وتكون الدفعة الأولى في التمويل 30% من قيمة القرض، وتم تطبيقه فعليا في سوق التمويل العقاري منذ مطلع شهر نوفمبر الماضي وفقا لشروط التمويل والرهن العقاري. ومن هذا يتضح أن المواطن المستحق للدعم السكني لن يتمكن من الحصول على القرض الإضافي للسكن من البنوك والمصارف ما لم يسدد 30% من قيمة القرض الإضافي. وهذا يؤكد مدى أهمية توفر ثقافة الإدخاء لدينا ، والتي تعتبر شبه منعدمة للكثير منا، فما أن يستلم الموظف في القطاعين العام والخاص الراتب ،إلا ويبدا فورا في تسديد ما عليه من التزامات( فيز، قروض، أقساط … ألخ) فكيف بعد كل ذلك يكون لدينا إدخار. وعلى الرغم من وجود مفاهيم الإدخار في الكثير من أمثالنا الشعبية إلا أننا نرددها فقط في مجالسنا ” وسوالفنا” دون تطبيق فعلي لها “خبئ قرشك الأبيض ليومك الأسود”، وللأسف تظل مثل هذه الأمثال من باب الحكي، فقط، ولا نطبقها على أرض الواقع. وإذا سأل آخر أحدا أصدقائه أو أقاربه قائلا: كم ادخرت خلال الشهور الماضية؟، فقد يستغرب كثيرا هذاالسؤال، وربما يعده مزاحا، لأنه لم يفكر مجرد تفكير في الإدخار، بل في الانفاق ثم الانفاق، فهل نحن شعب يحب الانفاق ولا يفكر اطلاقا في الإدخار؟. ولابد من التفكير بصورة جدية في تطبيق مفهوم الإدخار، وهو مفهوم سلوكي قبل أن يكون فكريا، فعندما يرى الابن أباه أو أمه تدخر مبلغا معينا، فإن مثل هذا السلوك يظل في ذهنه راسخا حتى يكبر ليكبر هذا السلوك معه. قضية الإدخار في غاية الأهمية، وتحتاج أن يعقد لها ورش عمل ومنتديات، لتوضيح مدى أهمية الإدخار في حياتنا بصورة عامة، وكيف ولماذا ندخر؟.