شهد سوق الإيجارات السكنية في السعودية تباطؤًا ملحوظًا في وتيرة الارتفاع خلال الأشهر الأخيرة، حيث أظهرت بيانات الهيئة العامة للإحصاء أن الرقم القياسي لإيجارات السكن في المملكة قد سجل زيادة بنسبة 8.2% في مارس 2025 مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، وهو ما يعكس انخفاضًا تدريجيًا للشهر الخامس على التوالي. هذا التباطؤ في الزيادة يعد مؤشرًا على بداية الاستقرار في هذا القطاع، الذي يمثل جزءًا مهمًا في حساب معدل التضخم الرئيسي، إذ يشكل حوالي 21% من وزنه الإجمالي.
تتجلى هذه الإحصائيات في انخفاض ملحوظ في معدل الزيادة السنوي مقارنة بالشهور السابقة، حيث كان الرقم القياسي في فبراير 2025 قد سجل 8.5%، بينما في يناير 2025 بلغ 9.7%. ومع ذلك، ما يزال القطاع يشهد معدلات نمو مرتفعة على مستوى بعض المناطق، مما يشير إلى تفاوت في الأداء بين المدن الكبرى.
بالنسبة لمدينة الرياض، فقد شهدت الأسعار في مارس 2025 تراجعًا في الزيادة السنوية إلى 16.8%، مقارنة بـ 19.3% في نفس الشهر من العام السابق. ويعزى هذا التراجع إلى مجموعة من الإجراءات الحكومية التي استهدفت تحقيق التوازن في القطاع العقاري بمدينة الرياض، خصوصًا بعد الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والإيجارات التي شهدتها المدينة في السنوات الأخيرة. هذه المبادرات قد تُسهم في تهدئة السوق العقاري ودفعه نحو المزيد من الاستقرار.
أما في مكة المكرمة، فقد استمرت الأسعار في الارتفاع، حيث سجلت المدينة زيادة بنسبة 26.7% في مارس 2025، رغم أن هذا الرقم يُعتبر انخفاضًا طفيفًا مقارنةً بالشهر السابق الذي سجل فيه الرقم 26.9%. وعلى الرغم من هذا التراجع الطفيف، فإن أسعار الإيجارات في مكة ما تزال مرتفعة بشكل ملحوظ، ويعزى ذلك إلى الطلب المرتفع المستمر، خاصة في موسم الحج، مما يجعل أسعار الإيجارات في المدينة تتأثر بشكل أكبر بالأنشطة الاقتصادية الموسمية.
فيما يتعلق بمنطقة جازان، فقد شهد الرقم القياسي لإيجارات السكن ارتفاعًا بنسبة 9.0% في مارس 2025، ما يعكس نموًا مستمرًا في الطلب على الإيجارات رغم التحديات الاقتصادية. ورغم انخفاض الأرقام في بعض الأشهر السابقة، فإن المنطقة تشهد انتعاشًا ملحوظًا في الأشهر الأخيرة، مما يعكس الطلب المتزايد في السوق السكني.
في المجمل، تعد هذه الإحصائيات إشارات إيجابية على أن القطاع العقاري السكني في السعودية قد يبدأ في الاستقرار بعد فترة من الارتفاعات المتواصلة. إلا أن تحديات عديدة ما زالت تواجه السوق، مثل التضخم، وزيادة الطلب على الأراضي، وارتفاع تكاليف البناء، خاصة في المدن الكبرى مثل الرياض ومكة. ومع استمرار المبادرات الحكومية التي تهدف إلى ضبط التوازن بين العرض والطلب، قد نشهد تحسنًا أكبر في قدرة السوق على الاستجابة للتغيرات الاقتصادية والمساهمة في تخفيف العبء على المستأجرين والمستثمرين على حد سواء.