لا مجاملة في الحقوق.. السعي فقط لمن سعى
في مشهد متكرر داخل السوق العقاري، يتردد بين الوسطاء والمسوقين سؤال مشروع: هل يحق لابن المالك الحصول على نسبة من السعي دون أن يكون له أي دور فعلي في إتمام الصفقة؟
السعي أو «العمولة» في العرف العقاري، هو مكافأة مستحقة تُمنح لمن سعى فعلياً في إتمام عملية البيع أو التأجير، سواء بالتسويق، أو بالتفاوض، أو بالتوفيق بين الأطراف حتى تمت الصفقة، وبحسب الأنظمة الرسمية، ومنها تنظيمات الهيئة العامة للعقار، فإن استحقاق السعي مشروط بممارسة نشاط الوساطة العقارية بشكل فعلي.
لكن في الواقع، هناك ممارسات لا تنسجم مع هذا الإطار، حيث يُفاجأ بعض الوسطاء العقاريين بمطالبات من «أبناء الملاك» بالحصول على نسبة من السعي، لمجرد أنهم ينتمون للعقار بصلة قرابة، رغم عدم مشاركتهم بأي جهد مهني.
ولتقريب الصورة بشكل أوضح: تخيّل أن موظفًا يتسلّم راتبه بعد شهر من العمل، ثم يأتي ابن صاحب الشركة ويطلب منه اقتطاع جزء من الراتب قائلاً: «هذا نصيبنا.. لأن أبوي يملك الشركة»!.
مشهد غير منطقي، لكنه يحدث فعلياً في بعض الصفقات العقارية، حين تُنتزع نسبة من السعي من مستحقها وتُمنح لمن لم يعمل. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أن بعض الوسطاء – رغم وجود عقود وساطة رسمية موقعة ومسجلة – يُفاجأون بتوقف البيع في لحظة حاسمة، إلى أن يتم الحصول على «موافقة شفهية» من أحد أفراد العائلة، في مشهد غريب يُعطّل مصالح الجميع، هي حالات نادرة، نعم، لكنها موجودة وتستدعي التوقف.
هذه الممارسات تؤثر بشكل مباشر على نزاهة السوق العقاري، وتُضعف ثقة العاملين فيه، وتخلق بيئة غير عادلة للوسطاء النظاميين الذين يبذلون الجهد ويعتمدون على هذا العمل كمصدر رزق أساسي.
العدالة في السوق لا يمكن أن تتحقق إلا عندما يُربط الاستحقاق بالجهد، لا بالاسم أو النسب. ويُعطى كل ذي حقٍ حقه… فالسعي لمن سعى، لا لمن انتسب.