كشفف تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، أن نحو 2.8 مليار شخص حول العالم لا يتمتعون بالحق في السكن الملائم، وهو ما يشكّل تحدياً كبيراً أمام جهود تحقيق التنمية الحضرية المستدامة.
وأكد التقرير أن من بين هؤلاء، يعيش أكثر من 1.1 مليار شخص في أحياء فقيرة أو مساكن عشوائية لا تتوافر فيها المقومات الأساسية للعيش الكريم، مشيراً إلى أن 90% من هؤلاء السكان يتركزون في قارتي إفريقيا وآسيا، حيث تعاني هذه المناطق من نقص يقدّر بنحو 170 مليون وحدة سكنية.
وقالت آنا كلوديا روسباخ، المديرة التنفيذية للبرنامج، إن التغيرات المناخية، والنزاعات المسلحة، والكوارث الطبيعية ما تزال من أبرز العوامل التي تتسبب في نزوح ملايين الأشخاص، وتدفعهم إلى البحث عن أماكن أكثر أماناً واستقراراً للعيش، مضيفة أن 318 مليون إنسان في العالم لا يملكون مأوى على الإطلاق، وهو رقم يعادل تقريباً عدد سكان الولايات المتحدة.
ولم تتوقف الأزمة عند حدود فقدان المأوى، بل تجاوزتها إلى أزمة خدمات أساسية تهدد الصحة العامة، إذ أظهر التقرير أن واحداً من كل أربعة أشخاص حول العالم يعيش في ظروف سكنية تضر بصحته وسلامته ورفاهيته. كما بيّن أن 14% من سكان المدن و40% من سكان الريف لا يحصلون على مياه شرب آمنة، في حين يفتقر شخصان من كل خمسة إلى خدمات صرف صحي مناسبة.
وأشار التقرير إلى أن غياب خدمات الصرف الصحي المُدارة والآمنة لا يُعد فقط أحد مؤشرات ضعف التنمية، بل يمثل عاملاً مباشراً في انتشار الأمراض والفقر والوفاة المبكرة، مؤكداً أن تحسين البنية التحتية للخدمات الأساسية يجب أن يكون في صلب الجهود الدولية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
وفي مواجهة هذه الأزمة المتصاعدة، دعت روسباخ إلى إعادة النظر في السياسات الحضرية الحالية، وتحديث قوانين استخدام الأراضي، وتوفير تمويل مستدام يضع قضية السكن والخدمات الأساسية على رأس الأولويات، ليس فقط لأسباب اجتماعية، بل أيضاً كخطوة ضرورية لمواجهة تداعيات تغير المناخ.
وتوقّع التقرير الأممي أن يتعرض ما لا يقل عن 2 مليار شخص من سكان المدن لدرجات حرارة مرتفعة جداً بحلول عام 2040، في ظل استمرار التغير المناخي دون تدخلات فاعلة، ما سيزيد من تعقيد أزمة السكن ويُفاقم الأوضاع المعيشية في المناطق الحضرية.
وفي هذا السياق، تبنّت جمعية الدول الأعضاء في برنامج المستوطنات البشرية الخطة الاستراتيجية الجديدة للبرنامج للفترة من 2026 إلى 2029، والتي ستركز على تعزيز الوصول إلى السكن الملائم، والأراضي، والخدمات الأساسية كالمياه والصرف الصحي، باعتبارها ركائز ضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية البيئية والاقتصادية.