أملاك-استطلاع
شهدت الآونة الأخيرة تقلبات بالغة الأهمية في الاقتصاد العالمي , مما أثر بدوره على قطاعات واسعة من الأنشطة الاقتصادية المحلية, وخاصة هبوط سعر النفط العالمي الذي نزل لـ 50%, وصادفت توصية صندوق النقد الدولي لحكومة المملكة العربية السعودية أفكار وزارة الإسكان وأمنياتها حينما أوصى بنك النقد بعدة تدابير داخلية لتعويض وسد الهوة الاقتصادية, وكان من أبرز التوصيات فرض ضرائب على الأراضي البيضاء غير المستغلة داخل النطاق العمراني.
صحيفة «أملاك العقارية» استبقت الأحداث واستطلعت عدداً من العقاريين والمختصين بالسؤال التالي:
إلى أي وجهة استثمارية تتجه أموال القطاع العقاري بعد تطبيق قرار الرسوم على الأراضي البيضاء وهبوط أسعار العقار. ؟
سوق الأسهم .. مخاطر محتملة
في البداية تحدث عبد الرحمن العبيد المدير العام لشركة المربع الاستشارية موضحاً أن الاستثمارات العقارية وخصوصاً الأراضي سوف تتحول إلى أنشطة تجارية أخرى مثل مراكز التسوق والمولات التجارية يتفادون بها الخسائر التي قد تنجم من تنفيذ القرارات المرتقبة, وسوف تساهم الأموال الناتجة من بيع الأراضي البيضاء أو استثمارها في فتح خطوط جديدة لتدوير رأس المال, وسيلجأ البعض إلى الاستثمار في الفنادق ومراكز الترفيه. وأشار العبيد لفئة أخرى بسيطة في حدود 5% سوف تذهب أموالها إلى أرصدة البنوك من خلال الودائع لتتجمد مرةً أخرى لأن عوائدها بسيطة, وهنالك فئة ثالثة ستحاول الدخول في سوق الأسهم الذي يعتبره العقاريون ملاذاً غير آمن لتأرجحه وعدم ثبات مؤشره الذي يتأثر سريعاً بالهزات الاقتصادية أو أي عوامل أخرى؛ وذلك من خلال واقع تجربتهم في عام 2008, الذي عانى فيها العقاريون كثيراً بعد هبوط السوق العقاري, واستدرك العبيد مشيراً لنسبة غير قليلة من قبيلة العقارين سوف تستفيد من علاقتها بالوسط العقاري لتدخل أنشطة قريبة منه أو مكملة له مثل الولوج في قطاع مواد البناء والتشييد الذي سوف تزدهر تجارته في ظل النهضة العمرانية المرتقبة بعد فك احتكار الأراضي.
التحايل بتطوير جزء من الأراضي
ومن جانبه قسّم رجل الإعمال حمد بن عبدالرحمن الموسى أحوال العقاريين إلى قسمين فئة يمتلكون قطع مساحتها مابين 1000 و 10000 تقريبا, وهذه الفئة سوف يضطر من تشملهم لإيجارها أو يبيعها جزء منها ويطور البقية, ومنهم من قادر على تطوريها بالكامل إذا وجدت السيولة معه, أما الفئة الثانية فهم أصحاب الأراضي الكبيرة الخام وهؤلاء يسعون لتطوير جزء منها مثلا ثلثها، ولن تطالبه الحكومة بتطوير كل الأرض دفعةً واحدة فهو سيطور على مراحل تستغرق عدة سنوات, والزمن كفيل بتغيير الإجراءات والأنظمة القادمة , ويرى الموسى أن ملاك تلك العقارات الكبيرة لن يستطيعوا الخروج يصطدمون بواقع صعب لعدم وجود مشترين لفترة معينة, لذا حتما سيتم تحريكها بأي طرق تضمن تخارجهم من الضرائب وهم أذكياء.
سوق البناء الحاضن الأمثل
وفي ذات الاتجاه يذهب المهند بن محمد السعيد – خبير عقاري حيث يرى أن أصحاب الأراضي الصغيرة أقل من 10.000 متر مربع ينتابهم الخوف في مصير قيمة أراضيهم بعد تنفيذ الرسوم, لذا سوف يتصرفون فيها بالبيع لتتحول لنقد واحتمال تذهب أموالهم لسوق البناء الذي سوف ينتعش مع حركة التطوير المرتقبة, ونبه السعيد إلى أن العقاريين عموماً لا يفرضون في أراضيهم سيحتفظ عدد كبير منهم بجزء من الأرض, أما كبار العقاريين أصحاب الأراضي الشاسعة والمخططات لا يتأثرون بالقرار كثيراً؛ لأنهم يمتلكون موارد دخل أخرى تغطي الرسوم التي سيدفعونها, وهناك من يمتلك 8 مليون متر سيعرف جيداً تدابيره, وسيلجأ عدد كبير من الملاك للتحايل على الرسوم المفروضة بعدة طرق منها إيجار جزء من الأرض و تسوير الجزء الآخر.
تحالفات مع المطورين العقاريين
أما إبراهيم الزير المستشار في شركة زود العقارية يرى أن الفرصة الآن مواتية وجيدة إذا تكاملت الأدوار مما يحقق المصلحة العامة المرجوة من تنفيذ قرار فرض الرسوم على الأراضي, لذا أرجح أن كثير من الأموال لا تخرج من حدود السوق العقاري بل سوف تعضد وتقوي شوكة الواقع العقاري بعقد تحالفت قوية مابين ملاك الأراضي والشركات المطورة لتنفيذ مساكن بالمواصفات المطلوبة والأسعار التي تكون في متناول يد الأسر محدودة الدخل ليكون العرض متناسقاً مع الطلب, وأشار الزير التحالفات ستقود ملاك الأراضي لاقتحام مجلات التطوير العقاري والمقاولات مما يعود بالنفع لجميع الأطراف بما فيهم المواطن ومن ثم المجتمع, وأتوقع في المستقبل سيراعي التطوير العمراني السكني في منتجاته خصوصية المواطن السعودي ويلبي طموحاته في إيجاد مسكن ملائم لأسرته.
وطالب مستشار شركة زود الحكومة بالتدخل بوضع آلية تشجع وتحفز تطوير بعض الأراضي لأبراج سكنية متعددة الأدوار, حتى تحقق الفوائد المجزية لملاك الأراضي والمطورين وتوفير عدد كبير من الشقق السكنية بأسعار مناسبة.
شراكة ثلاثية للتطوير
وتمشياً مع القاعدة التي تقول بارك الله في من أفاد واستفاد يبدي ظافر محمد المطيري رأيه قائلاً أن أموال العقار لا تذهب إلا للعقاريين, فمن المحتمل ظهور شركات جديدة على الخارطة وتعمل بمفهوم جديد لتحقيق أكبر قدر من المكاسب بين الأطراف المكونة للشركات وهي تقوم على ثلاثة شركاء هم ملاك الأراضي والمطورين العقاريين والبنوك, وستشكل قوة ضاربة في السوق غن وضعت لها أهدافاً سامية تنقذ أصحاب الأراضي من الرسوم وتفتح للمطورين آفاقاً جديدة لبث الحياة في أطراف المدن وتعيد توازن السوق العقاري بتوفير منتجات سكنية في الأحياء الجديدة, وتتكامل الحلقة الاستثمارية بفتح منافذ الخدمات مثل مراكز التسوق والمغاسل والتموينات والمشافي وغير ذلك من الأوجه الاستثمارية التي تستقبل أموال العقاريين.
تكوين شركات لحل مشكلة الإسكان
وفي سياق مختلف يرى المهندس أحمد الوكيل رئيس مجلس إدارة شركة أفنيو للتطوير العقاري أن هناك اتجاهين للاستثمار الأفضل والأكثر ربحية واستقرار هو الاستثمار في العقارات التجارية وإنشاء مراكز تجارية ومباني تجارية وسكنية وهذه تزيد أسعارها تدرجياَ لأن الحاجة لها موجودة. أما الاتجاه الآخر هو الاستثمار في العقارات خارج المملكة.
وبنظري الخيار الصحيح الآن بالنسبة العقاريين أن يستثمروا في إنشاء شركات عملاقة للتطوير مثل إعمار تطور عقاراتهم و ترعاها الدولة لتخدم الجميع وتوفر فرص عمل للموطنين و تحقق أرباحاً للعقاريين و تساهم في حل مشكلة الإسكان التي تقلق المسئولين.