جيل «زي» … يعيد رسم مشهد العقار
في خضم التحولات المتسارعة التي يشهدها السوق العقاري السعودي، يبرز جيل «زي» – المولود بين عامي 1997 و2012 – بوصفه لاعباً جديداً، لا كمستهلك تقليدي، بل كموجّه حقيقي لتوجهات التصميم والمعيشة.
فهذا الجيل لا يرى العقار كوسيلة ادخار أو مجرد إطار للاستقرار، بل كجزء من هويته الرقمية والاجتماعية، المسكن بالنسبة له ليس منتجًا نهائياً، بل تجربة متكاملة تنسجم مع إيقاعه المتصل، المتطلب، والمتغيّر.
تغيُّر المعايير: من المساحة إلى المعنى.
تفضيلات جيل «زي» تختلف جذرياً عن الأجيال السابقة.
فهو لا ينشغل بعدد الغرف بقدر ما يهتم بالسؤال:
هل هذا المكان يُشبهني؟
هل يعكس أسلوبي؟
هل أستطيع أن أعيش وأعمل وأرتاح وأُنتج من داخله؟
هذه الأسئلة أصبحت أكثر تأثيراً من المساحة أو الموقع.
فالمكان بالنسبة له يجب أن يكون مرناً، محفّزاً، وقابلاً للتكيّف مع احتياجاته اليومية.
من العقار كمكان … إلى العقار كمنصة.
بالنسبة لجيل «زي» ، السكن ليس جدراناً، بل منصة مفتوحة للحياة الرقمية، يوثّق، يشارك، يصنع محتوى، ويتفاعل.
ولهذا يُفضّل المساحات ذات الهوية البصرية الواضحة، الإضاءة الطبيعية، والتصميم القابل لإعادة التشكيل.
وبحكم اعتماده التام على التطبيقات والمنصات الرقمية، يتوقع أن يكون العقار ذكياً، متصلاً، وسهل الاستخدام، بنفس بساطة التجربة التي يحصل عليها من هاتفه المحمول.
تشير التوجهات الحديثة إلى تزايد إقبال الشباب – خصوصًا بين 20 و30 عامًا – على الوحدات التي تدعم العمل عن بُعد وتوفّر بيئة معيشية رقمية متكاملة.
وبدأت بعض المشاريع بالفعل في الاستجابة لهذه المتطلبات، عبر تصاميم مرنة، ومرافق تشاركية، وخدمات تفاعلية تدعم جودة الحياة اليومية.
خمس إشارات واضحة على تأثير جيل «زي»:
1- الخدمات الرقمية لم تعد رفاهية يريد هذا الجيل إدارة سكنه من جواله… من الصيانة إلى الأمن، إلى التفاعل المجتمعي، كل شيء يجب أن يكون رقمياً وسريعاً.
2- التصميم البصري شرط أساسي الوحدة السكنية يجب أن تكون «صديقة للكاميرا» لأن التوثيق جزء من نمط الحياة اليومي لهذا الجيل.
3- العمل من المنزل أصبح جزءاً من المعادلة، المسكن يجب أن يستوعب «زاوية إنتاج» لا مجرد غرفة نومن ومعيشة.
4- الاستدامة مطلب عملي لا ينظر جيل «زي» إلى الاستدامة كترف، بل كخيار ذكي للعيش الاقتصادي والبيئي في آنٍ واحد.
5- المرونة في التملك أو الإيجار لا يرى في السكن التزاماً طويل الأجل، بل تجربة قابلة للتغيير، ما يفتح المجال لنماذج سكن بديلة كالإيجار المشترك أو طويل الأمد.
التحدي الحقيقي للمطورين: أن يفهموا… لا أن يفترضوا..
من الواضح أن النماذج العقارية التقليدية لم تعد تلائم هذا الجيل، فالمسألة ليست فقط في الشكل، بل في المنهج.
المطور الذي يسبق هذه التحولات، ويعيد التفكير في المنتج من منظور الجيل القادم، هو من سيملك السبق.
الوحدة السكنية لم تعد تكفي أن تكون «جاهزة للسكن»، بل يجب أن تكون جاهزة للحياة كما يفهمها هذا الجيل.
جيل «زي» ليس مجرد شريحة عمرية.
إنه موجة فكرية وسلوكية جديدة، ومن لا يلتقط هذه الموجة مبكراً.. قد يجد نفسه يبني مشاريع جميلة ولكن بلا جمهور.