تبدو صورة الشقة مثالية، والموقع مغرٍ، والسعر منافس، لكن رغم ذلك لا يتلقى المسوق العقاري سوى استفسارات محدودة وصفقات مؤجلة. قد يظن البعض أن الركود هو السبب، بينما الحقيقة غالبًا تكمن في التفاصيل الصغيرة داخل الإعلان العقاري نفسه. أخطاء بسيطة في الصياغة أو اختيار الصور أو حتى التوقيت، كفيلة بتقليص فرص البيع بنسبة كبيرة، مهما بلغت جاذبية العقار.
في سوق يتنافس فيه الآلاف من المسوقين والمشروعات، أصبحت الإعلانات العقارية الناجحة علمًا وفنًا في آن واحد، بينما تتحول الأخطاء المتكررة إلى فخاخ تسويقية تهدد المبيعات وتضعف ثقة العملاء. في هذا التقرير، نسلط الضوء على أبرز الأخطاء الشائعة في الإعلانات العقارية، وفقًا لآراء خبراء في التسويق والمبيعات العقارية، مع تحليل لتأثير هذه الأخطاء على قرارات الشراء لدى الجمهور.
أولًا: صور سيئة تسيء للعقار أكثر مما تخدمه
يرى كثير من المسوقين أن مجرد وجود صور للعقار كافٍ لجذب العملاء، إلا أن الواقع يقول غير ذلك. فصور مشوشة، مظلمة، أو ملتقطة من زوايا غير مناسبة، لا تنقل جودة العقار، بل تعكس انطباعًا سلبيًا.
يقول خببراء التصوير العقاري إن الصور وحدها مسؤولة عن أكثر من 60% من قرار العميل بمواصلة قراءة الإعلان أو تجاهله. استخدام كاميرا الهاتف بدون إضاءة مناسبة، وعدم ترتيب المكان قبل التصوير، أخطاء شائعة تضعف قيمة العقار بصريًا.
ثانيًا: أوصاف عامة ومكررة تفتقر للتمييز
كلمات مثل “فرصة لن تتكرر”، و”موقع مميز”، و”تشطيب هاي لوكس” أصبحت مستهلكة وتفتقر للمصداقية. ما يبحث عنه العميل هو معلومات محددة: كم عدد الغرف؟ ما نوع التشطيب؟ هل توجد خدمات محيطة؟ ما متوسط الإيجار في المنطقة؟
ويرى خبراء التسويق العقاري أن اللغة المبالغ فيها تثير شكوك العميل بدلاً من طمأنته. الإعلان الجيد هو الذي يوازن بين الجاذبية والمصداقية.
ثالثًا: توقيت النشر الخاطئ يُفقد الإعلان جمهوره
نشر الإعلان في أوقات غير ملائمة – مثل ساعات منتصف الليل أو أيام العطل – يؤدي إلى ضعف التفاعل. الخوارزميات على منصات التواصل تعزز المنشورات التي تحظى بتفاعل فوري، ما يعني أن التوقيت الخاطئ يحكم على الإعلان بالفشل منذ اللحظة الأولى.
رابعًا: تجاهل أهمية الموقع الجغرافي في الإعلان
بعض الإعلانات تهمل ذكر اسم الحي أو تكتفي بعبارات غامضة مثل “قريب من الخدمات” أو “وسط البلد”، ما يجعل العميل يشعر بعدم الثقة أو يضطر إلى التواصل للحصول على معلومات أساسية، وبالتالي فإنه عندما يُخفى موقع العقار، يشعر المشتري بأن هناك أمرًا غير مريح، لذلك فإن الشفافية في تحديد العنوان جزء مهم من بناء الثقة.
خامسًا: عدم تضمين فيديو أو جولة افتراضية
رغم توافر تقنيات الفيديو بشكل سهل، لا يزال كثير من الإعلانات العقارية تعتمد فقط على الصور الثابتة. الفيديو يتيح للمشتري الشعور بالمساحة والتفاصيل أكثر من أي وسيلة أخرى.
ويشير تقرير حديث صادر عن إحدى شركات التكنولوجيا العقارية إلى أن الإعلانات التي تحتوي على فيديوهات تحقق تفاعلًا أعلى بنسبة 40% من تلك التي تعتمد فقط على النص والصور.
سادسًا: تجاهل لغة الجمهور المستهدف
تحدث بعض الإعلانات بلغة تقنية مفرطة، أو على العكس بلغة عامية مبالغ فيها، دون مراعاة طبيعة الجمهور المستهدف. من يشتري شقة فاخرة يختلف عن من يبحث عن استوديو صغير، لذا فإن التواصل الفعال يتطلب فهمًا دقيقًا للجمهور، واستخدام اللغة التي تحاكي اهتماماته وتوقعاته.
سابعًا: نقص معلومات التواصل أو الرد البطيء
لا يكفي أن تضع رقم الهاتف فقط. تأخير الرد على استفسارات العملاء أو الإهمال في المتابعة يفقد المسوق فرصًا ذهبية. بعض العملاء يقررون الشراء خلال 24 ساعة من رؤية الإعلان، لكن هذا القرار يحتاج إلى دعم فوري وواضح.
وختاماً فإن الإعلان العقاري الناجح لا يعتمد فقط على عرض العقار، بل على كيفية عرضه. الأخطاء المتكررة في الصور، اللغة، التوقيت، والمحتوى تؤدي إلى إضاعة فرص حقيقية للبيع، مهما كانت مواصفات العقار مغرية.
وإذا أراد المسوقون والوسطاء العقاريون مواكبة السوق الحديث، فعليهم التعامل مع الإعلان العقاري كأداة استراتيجية، تتطلب احترافًا في الصياغة، فهمًا للعميل، واستخدامًا ذكيًا للتكنولوجيا.